ملخص سيرته
زيادة فى التعريف بشيخنا – تغمده الله برحمته – وإبانة لبعض من ماثره، وأداء لشئ من
حقوقه، وربطا" للأمة بعلمائها :رأيت لزوم البدء بكتب هذه النبذة الموجزة عنه ؛
فأقول مستعينا" بالله:
* هو محمد ناصر الدين بن نوح بن أدم نجاتى , ولد فى أشقودرة – عاصمة ألبانية – سنة
(1332 هـ =1914م ) ، واليها ينسب 0
محدث ، فقية ، داعية إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصلح ،ومؤلف متقنن 0
* كان ولده الحاج نوح من كبار علماء الحنفية فى بلده ، وفى اثناء حكم العلمانى
الهالك أحمد زوغو لآلبانية كان ثمة تضييق شدد على المسلمين ؛فهاجر –بسببة – الحاج
نوح – مع جميع أبنائة ، ومنهم محمد ناصر الدين – فراراً بدينه الي بلآد الشام ؛ لما
ورد فيها من فضائل ومناقب فى السنة النبوية
وهناك استقر بهم المقام 0
ومنها – بعد نحو خمسين عاما" – هاجر الشيخ إلى عمان عاصمة الاردن ، وبها قضىبقية
حياتة ؛ عالما"معلما" ، فقيها مربيا" 0
*تلقى تعليمه الاساسي فى دمشق –عاصمة سورية -؛ موئل العلم لقرون كثيرة غابرة ،
مستفيدا" من عدد الشيوخ وأهل العلم ؛ من أمثال ولده الحاج نوح ، والشيخ سعيد
البرهاني (1) ، وغيرهما 0
* حبب الله – سبحانه – اليه علم الحديث النبوي فى مقتبل عمره ، وبواكير شبابه ذلك
حين اطلاعه على مقالات علمية للشيح محمد رشيد رضا فى مجلة (المنار ) ؛ نقدا"
لروايات واهمية ذكرها ابو حامد الغزالى فى كتابة " إحياء علوم الدين " .*اجازه
الشيخ محمد راغب الطباخ – مؤرخ حلب ومحدثها – بمروياته المجموعة فى ثبته المسمى
"الأنوارالجلية فى مختصر الأثبات الحلبية "، وذلك حين رأى نبوغه وألمعيته ، وألق
ذهنه وفهمه (2)، ورغبه العالية فى تحصيل العلوم الأسلأمية والمعارف الحديثية.
* ابتدأ التأليف والتصنيف فى أوائل العقد الثانى من عمره ، فكان من أول مؤلفاته
الفقهية المبنية علي معرفة الدليل والفقه المقارن كتاب " تحذير الساجد من اتخاذ
القبور مساجد " ، - وهو مطبوع مراراً - ، وكان من أوائل تخاريجه الحديثية المنهجية
– أيضاً – كتاب " الروض النضير في ترتيب وتخريج معجم الطبراني الصغير " ، - ولا
يزال مخطوطاً .
* دعي من فبل عدد من الجامعات الإسلامية ، والمراكز العلمية العالمية لتولي مناصب
رفيعة فيها ، فواجه معظمها بالاعتذار ؛ لشواغلة العلمية الكثيرة .
* تولي تدريس مادة الحديث النبوي في الجامعة الإسلامية – بالمدينة النبوية – إبان
افتتاحها ، مدة ثلاث سنين ، بدءاً من سنة ( 1381 هـ ) ؛ مما كان له – بسببه – أعظم
الأثر في إيجاد نهضة علمية حديثية واسعة علي نطاق العلم كله ، وعلي جميع المستويات
: علي المستوى الرسمي ؛ وذلك باهتمام الجامعات عامة بذلك ، حيث قدمت مئات الرسائل
الجامعية المتخصصة في علم الحديث ، وعلي المستوى الشعبي العام ؛ حيث توجه عدد كبير
من طلاب العلم لدراسة علم الحديث والتخصص فيه ،وغير ذلك مما وجد بعده ، وصار أثراً
من لآثاره .
ومن أكبر دليل علي ذلك : هذا الكم الكبير من الكتب الحديثية المحققة ، والفهارس
الحديثية المصنفة ، مما لم يكن أكثره معروفاً من قبل .وهذا الأثر – لجلائه ووضوحه –
لا ينكره أحد ، حتي المخالفون لشيخنا ، المعارضون لمنهجه .
أثني عليه كبار العلماء ، وأئمة الزمان ، وسألوه ، وقدموه ، واستفتوه ، وراسلوه
....
ولو عدوا – حفظ الله أحياءهم ، ورحم أمواتهم - : لما أحصوا ، وعلي رأسهم سماحة
الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز ؛ فقد كان عظيم التقدير والإكبار له –
رحمها الله تعالي - ....
·
وتلاميذ الشيخ وطلابه – سواء من تلقي العلم علي يديه في الجامعة ، أم في حلقاته
العلمية الخاصة ، أم علي تآليفه كثيرون منتشرون – بحمد الله – في جميع أنحاء العالم
؛ ينشرون صحيح العلم ، ويدعون إلي صفي المنهج بقوة وثبات .
·
قضي الشيخ – رحمة الله تعالي – حياته كلها داعياً إلي الله – تعالي – علي بصيرة ؛
مؤصلا لمنهج ( التصفية والتربية ) ، - المبني علي العلم والتزكية – معلما فاضلاً ،
ومربياً صادقاً تربينا عليه – والله – بمنهجه ، وموافقة ، ولآدابه ، وعالي سلوكه ،
ورفيع أخلاقه ، ورقة قلبه : الشيء الكثير ، والجم الغفير .
·
وللشيخ – رحمة الله تعالي – صفات حميدة عديدة ، من أظهرها وأجلاها ، وأبينها
وأعلاها : دقته العلمية البالغة ، وجده ، ومثابرته ، وجلده وصلابته في الحق ،
ورجوعه إلي الصواب ، وصبره علي مشاق العلم والدعوة ، وتحمله الذي في سبيل ذلك كله
صابراً محتسباً .
·
ومن أعظم ما يميز الشيخ – رحمه الله – عن كثير من إخوانه أهل العلم : نصرته أهل
العلم : نصرته للسنة وأهلها ، ورده علي المنحرفين علي اختلاف درجاتهم ، وتنوع
دركاتهم ، بوضوح بين وصراحة نادرة .
·
وقد حظي الشيخ – رحمه الله – بقبول عظيم من صالحي المسلمين في أرجاء الدنيا – كلها
- ، ونال شهرة واسعة عريضة في أقطار العالم أجمع ؛ مع أنه لم يطلبها ، ولم يسع
إليها ، بل كان يهرب منها ، ويفر عنها ، ويكرر – دائماً – قوله : " حب الظهور يقصم
الظهور " – رحمه الله عليه –
·
ولم يكن لأحد من خلق الله عليه فضل ولا منه في أي شأن من شؤون الدنيا فعلمه سفيره
, وصبره رائده ؛ فهو عصامي صابر مصابر ، ومجتهد جاد مثابر ..
·
ولم يزل الشيخ – رحمه الله – مكباً علي العلم ، دؤوباً علي التصنيف – مثابراً علي
التحصيل والإفادة – إلي سن السادسة والثمانين من العمر ؛ ما انقطع عن التأليف
والكتابة والتخريج إلا في الشهرين الأخيرين من عمره – عند وهن قوته – علي تعلق قلبه
بذلك - ؛ إلي أن توفاه الله – سبحانه – قبيل غروب شمس يوم السبت لثمانية أيام بقيت
من شهر جمادي الآخرة من سنة 1420 هـ وفق تاريخ : 2/10/1999 م .
·
وقد صلي علي الشيخ – مساء يوم موته نفسه – خلائق من الناس – في مصلي – يزيد عددهم
علي خمسة آلاف ، بالرغم من أن تجهيزه ، والصلاة عليه ، ودفنه : تم بأسرع وقت ممكن –
تطبيقاً لوصيته التي حرص فيها علي التزام السنة النبوية وتطبيقها - .
·
وقد تأثر بفقده العلماء ، والطلاب ، والعامة .
وذكره وأثني عليه – عند وصول نبإ وفاته – جله أهل العلم ؛ منهم : سماحة الشيخ عبد
العزيز بن عبد الله آل الشيخ – المفتي العام للمملكة العربية السعودية - ، وفضيلة
الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، وفضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين ، وفضيلة الشيخ صالح
بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ ، وغيرهم ....
وقد قلت فيه – رحمه الله تعالي :-
في
خفقة القلب تمجيد لذكرهم
* في
هطلة الدمع توكيد لحبهم
هذا
إمام له في العلم مدرسة
*
ريانة بالحق ثم العدل ينسجم
شيخ
الحديث وأستاذ تذل له
*
حتى الأعادي قل عرب وقل عجم
هذي
المعارف ترنو نحو سيدها
* من التصانيف بل والحبر والقلم
نص وصيته
وصيتي
بسم الله الرحمن الرحيم
أوصي زوجتي وأولادي وأصدقائي وكل محب لي إذا بلغه وفاتي أن يدعوا لي بالمغفرة
والرحمة –
أولاً - ، وألا يبكوا علي نياحة وبصوت مرفوع .
وثانياً : أن يعجلوا بدفني ، ولا يخبروا من أقاربي وإخواني إلا بقدر ما يحصل بهم
واجب تجهيزي ، وأن يتولي غسلي ( عزت خضر أبو عبد الله ) جاري وصديقى المخلص ، ومن
يختاره – هو – إعانته علي ذلك.
وثالثاً : أختار الدفن في أقرب مكان ؛ لكن لا يضطر من يحمل جنازتي إلي وضعها في
السيارة ، وبالتالي يركب المشيعون سياراتهم ، وأن يكون القبر في مقبرة قديمة يغلب
علي الظن أنها سوف لا تنبش وعلي من كان في البلد الذي أموت فيه ألا يخبروا من كان
خارجها من أولادي – فضلاً عن غيرهم - ؛ إلا بعد تشييعي ، حتي لا تتغلب العواطف ،
وتعمل عملها ، فيكون ذلك سبباً لتأخير جنازتي .
سائلاً المولي أن ألفقاه وقد غفر لي ذنوبي ما قدمت وما أخرت ....
وأوصي بمكتبتي – كلها – سواء ما كان منها مطبوعاً ، أو تصويراً ، أو مخطوطاً – بخطي
أو بخط غيري – لمكتبة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة ؛ لأن لي فيها ذكريات
حسنة في الدعوة للكتاب والسنة ، وعلي منهج السلف الصالح – يوم كنت مدرساًَ فيها_.
راجياً من الله – تعالي – أن ينفع بها روادها ؛ كما نفع بصاحبها – يومئذ – طلابها ،
وأن ينفعني بهم – بإخلاصهم ودعواتهم _ .
)رب
أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلي والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في
ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين
(
أسم المــؤلف : علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد الحلبي الأثري
أسم المكتبة :
أسم
المدينة :
المملكة العربية السعودية