الباب الثاني
من الكتاب
في تفسير الجملة وأحكامها
الجملة إما اسمية أو فعلية أو ظرفية"[1][1]"، فالأولى ماصدرت باسم ، والثانية ماصدرت بفعل ، والثالثة ماصدرت [بظرف] مثل : أعندك زيدٌ . إن جعل زيد فاعل (عند) .
وتنقسم إلى صغرى وكبرى"[1][2]"، فالكبرى هي الاسمية التي خبرها جملة ، نحو : زيدٌ قام أبوه ، أو أبوه قائم ، والصغرى ما سواها ، مثل : قام زيدٌ ، زيدٌ قائمٌ .
الجمل التي لامحل لها من الإعراب ، وهي التي لاتحل محل المفرد"[1][3]"
الأولى : الجملة الابتدائية .
الثانية : المعترضة بين شيئين لإفادة الكلام تقويةً أو تحسيناً ، إما بين الفعل ومرفوعه أو مفعوله ، أو بين المبتدأ وخبره ، أو بين الشرط وجوابه ، أو الموصوف وصفته ، أو الموصول وصلته ، أو بين المتضايفين ، أو الجار والمجرور ، أو بين الفعل وسوف ، أو قد والفعل ، أو حرف نفي ومنفيه .
الثالثة : التفسيرية ، وهي الفضلة الكاشفة لحقيقة ما تليه ، كقوله تعالى : {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب }"[1][4]" فجملة : خلقه .. إلخ تفسير لمثل آدم ، وقد تكون مقرونة بـ(أن) مثل : { أن اصنع الفلك }"[1][5]" ، أو بـ(أي) ، كقوله :
72-وَتَرْمِينَني بِالطَّرْفِ أَي أَنْتَ مُذْنِبٌ [وَتَقْلِينني لَكِنَّ إِيَّاكِ لا أَقْلِي]"[1][6]"
قال المؤلف : وقولي الفضلة احترازاً عن الجملة المفسرة لضمير الشأن ، فإنها كاشفة لحقيقة المعنى المراد به ، ولها محل .
الرابعة : المجاب بها القسم ، مثل : {والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين}"[1][7]".
الخامسة : الواقعة جواباً لشرط غير جازم ولم تقترن بالفاء أو (إذا) الفجائية.
السادسة : الواقعة صلةً لاسم أو حرف .
السابعة : التابعة لما لامحل لها .
الجمل التي لها محل"[1][8]"
الأولى : الواقعة خبراً .
الثانية : الواقعة حالاً .
الثالثة : الواقعة مفعولاً ، وتقع مفعولاً في ثلاثة أبواب : الأول : المحكية بالقول أو مرادفه.
الثاني : باب (ظن) حيث تقع مفعولاً ثانياً . الثالث : في باب التعليق ، وليس خاصاً بباب (ظن) بل في كل فعلٍ قلبي .
الرابعة : الواقعة مجرورة بالإضافة ، ولا يضاف إلى الجملة إلا ثمانية : أسماء الزمان ، ظروفاً كانت أو أسماء . ، وحيثُ ، وآية ، وذو ، ولدن ، وريْث ، وقول ، وقائل .
الخامسة : الواقعة جواباً لشرط جازم ، إذا اقترنت بالفاء أو (إذا) .
السادسة : التابعة لمفرد نعتاً أو عطفاً أو بدلاً .
السابعة : التابعة لجملةٍ ذات محل .
وهذا الحصر لما له محل بسبع بناء على ماذكروه ، والحق أنها تسع ؛
الثامنة : الجملة المستثاة ، كقوله : { إلا من تولى وكفر }"[1][9]" .
التاسعة : الجملة المسند إليها ، كقوله تعالى : { سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم }"[1][10]" إذا أعرب (سواء) خبراً و(أأنذرتهم) مبتدأً ، وقولهم : ‘‘تسمع بالمعيدي خير من أن تراه’’ إذا لم نقل إن الأصل : أن تسمع .
حكم الجمل بعد المعارف وبعد النكرات"[1][11]"
الجمل بعد المعارف المحضة أحوال ، وبعد النكرات المحضة صفات ، وبعد غير المحضة يجوز الوجهان ، فغير المحض من النكرات ماوصف ، كقوله تعالى: { وهذا ذكر مبارك أنزلناه }"[1][12]" ، وغير المحض من المعارف اسم الجنس المحلى بـ(أل) كقوله تعالى : {كمثل الحمار يحمل أسفاراً}"[1][13]" فيجوز في في (أنزلناه) وفي(يحمل) أن يكونا حالين وأن يكونا صفتين لأن المعروف الجنسي يقرب في المعنى من النكرة .
مختصر مغنى اللبيب عن كتب الأعاريب | الباب الثالث : في أحكام الظرف و الجار و المجرور | محمد بن صالح العثيمين |
الباب الثالث
في أحكام الظرف والجار والمجرور"[1][1]"
لابد للجار والمجرور والظرف من متعلق إما بفعل أو بما يشبهه ، أو بما أول بما يشبه أو بما يشير إلى معناه ، فإن لم يوجود من هذه شيء وجب تقديره ، وهل يتعلقان بالفعل الناقص ؟ على قولين مبناهما هل الفعل الناقص يدل على الحدث ؟ وهل يتعلقان بالجامد؟ وهل يتعلقان بأحرف المعاني فالمشهور المنع مطلقاً وقيل يجوز مطلقاً ، وقيل إن ناب عن فعل محذوف جاز على طريق النيابة لا الأصالة وإلا فلا ، مثال ذلك : يالزيد ، فاللام متعلقة بـ(يا) وكذلك قوله تعالى: {ما أنت بنعمة ربك بمجنون}"[1][2]" فإن (بمجنون) متعلق بـ(ما) والمشهور أنهم يقدرون فعلاً مطابقاً للنفي أي انتفى ذلك بنعمة ربك .
ويستثنى من قولنا لابد للجار من متعلق أمور :
الأول : الزائد ، مثل : { وكفى بالله شهيداً }"[1][3]" .
الثاني : (لعل) في لغة عقيل لأنها بمنزلة الزائد حيث أن مجرورها في موضع رفع على الابتداء .
الثالث : نحو : لولاي على القول بأنها جارة لأن الضمير بعدها مرفوع المحل بالابتداء .
الرابع : (رب) لأن محل ما بعدها بحسب العوامل .
الخامس : أدوات الاستثناء كـ(خلا) إذا خفض بهن .
حكم المرفوع بعد الظرف والمجرور"[1][4]"
لايخلو من حالين ؛
أحدهما : أن يتقدمهما نفي أو استفهام أو موصوف أو موصول أو صاحب خبر أو حال ، مثل : مررت بزيدٍ عليه جبةٌ . ففيه ثلاثة أقوال :
أحدها : ترجيح كونه مبتدأ مخبرًا عنه بالظرف .
الثاني : ترجيح كونه فاعلاً ، اختاره ابن مالك .
الثالث : وجوب كونه فاعلاً ، ونقل عن الأكثر ، وإذا كان فاعلاً فهل عامله فعل محذوف أو نفس الظرف والمجرور؟ على قولين ؛ المختار الثاني .
الحال الثانية : أن لايتقدمهما ماسبق من النفي وشبهه ، فالجمهور يوجبون الابتداء والكوفيون يجوزون الوجهين"[1][5]".
مختصر مغنى اللبيب عن كتب الأعاريب | الباب الرابع : في أحكام يكثر دورها | محمد بن صالح العثيمين |
الباب الرابع
في أحكام يكثر دورها
الأول : مايعرف به المبتدأ من الخبر"[1][1]"، يجب الحكم بالابتدائية على المتقدم من الاسمين في ثلاث مسائل :
الأولى : إذا كانا معرفتين تساوت رتبتهما أو اختلفت ، وقيل يجوز تقدير الأول خبراً ، وقيل المشتق خبر إن تقدم ، والتحقيق أن المبتدأ ما كان أعرف.
الثانية : إذا كانا نكرتين يصلح كل منهما للابتداء ، مثل : أفضل منك ، أفضل مني .
الثالثة : إذا اختلفا تعريفاً وتنكيراً وكان الأول المعرفة ، مثل : زيدٌ قائمٌ ، وإن كان الأول النكرة فإن لم يكن له مسوغ فهو خبر اتفاقاً ، مثل : خزٌّ ثوبُك ، وإن كان له مسوغ فكذلك عند الجمهور ، وسيبويه يجعله المبتدأ"[1][2]" مثل : كم مالك ؟ ويتجه عندي جواز الوجهين .
[الثاني]"[1][3]": تقول :‘‘أمكن المسافرَ السفر’’ بنصب المسافر لاغير ، لأنك تقول : أمكنني السفرَ ولا تقول : أمكنت السفرَ .
[الثالث]"[1][4]": الفروق بين عطف البيان والبدل ثمانية ، منها :
الأول : أن عطف البيان لايكون ضميراً ولا تابعاً للضمير .
الثاني : أن عطف البيان لايخالف متبوعه في التعريف والتنكير بخلاف البدل.
الثالث والرابع : أن عطف البيان لايكون جملة ولاتابعاً لجملة .
الخامس : أنه لايكون فعلاً تابعاً لفعل .
السادس : أنه ليس في نية إحلاله محل الأول ، ولذا يمتنع البدل ويتعين البيان في نحو : يازيد الحارثُ ، وياسعيد كرزٌ .
السابع : أنه ليس في التقدير من جملة أخرى .
[الرابع]"[1][5]": خبر اسم الشرط إذا وقع مبتدأً فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أن الخبر فعل الشرط وهو الصحيح .
الثاني : جواب الشرط .
الثالث : مجموعهما .
[الخامس]"[1][6]": مسوغات الابتداء بالنكرة ذكرَ أنها تنحصر في عشرة أشياء وعدَّها .
[السادس]"[1][7]": العطف ثلاثة أقسام ؛
[الأول] : عطف على اللفظ وهو الأصل ، مثل : ليس زيدُ بقائم ولا قاعد.
الثاني : عطف على المحل ، نحو : ليس زيدٌ بقائمٍ ولا قاعداً - بالنصب - .
الثالث : على التوهم ، نحو : ليس زيد قائماً ولا قاعدٍ ، بجر (قاعد) على توهم دخول الباء في الخبر ، ولكل قسم من هذه الأقسام شروط ذكرها مفصلة .
[السابع]"[1][8]": عطف الخبر على الإنشاء وبالعكس فيه قولان .
[الثامن]"[1][9]": عطف الجملة الاسمية على الفعلية وبالعكس فيه ثلاثة أقوال؛ الجواز والمنع ، والثالث ؛ الجواز بالواو فقط .
[التاسع]"[1][10]": المواضع التي يعود الضمير فيها على متأخر لفظاً ورتبة سبعة وعدّها.
ضمير الفصل"[1][11]"
يشترط لهذا الضمير ستة شروط ؛
الأول : أن يكون ما قبله مبتدأً ولو منسوخاً .
الثاني : أن يكون معرفة ، وقيل يجوز ‘‘ماظننت أحداً هو القائم’’ .
الثالث : أن يكون مابعده خبراً ولو منسوخاً .
الرابع : أن يكون معرفة أو كالمعرفة في أنه لا يقبل (أل) ، كقوله : {إن ترنِ أنا أقلَّ منك مالاً}"[1][12]" .
الخامس : أن يكون بصيغة المرفوع ، فيمتنع ‘‘زيدٌ إياه الفاضل’’ .
السادس : أن يطابق ما قبله ، فيمتنع ‘‘ كنت هو الفاضل’’ .
وله ثلاث فوائد :
الأولى :بيان أن مابعده خبر لاتابع .
الثانية : التوكيد .
الثالثة : الاختصاص ، أي الحصر .
وأما محله من الإعراب"[1][13]"، فزعم البصريون أنه لامحل له وهو حرف عند أكثرهم ، وقال الكوفيون : له محل ما بعده ، وقيل محله ما قبله فمثل : {كانوا هم الغالبين }"[1][14]" محله النصب عند الكوفيين والرفع على القول الثاني .
روابط الجملة عشرة"[1][15]"، وذكرها .
الأشياء التي تحتاج إلى رابط أحدعشر"[1][16]"، وذكرها .
الأمور التي يكتسبها الاسم بالإضافة عشرة"[1][17]"، وذكرها ، ومن ذلك أنه يكتسب البناء في ثلاثة أبواب ؛
الأول : أن يكون المضاف مبهماً كغير ومثل ودون وبين ، كقوله تعالى : {لقد تقطع بينَكم}"[1][18]" بناءً على أن (بين) فاعل مبني على الفتح .
الباب الثاني : أن يكون المضاف زماناً مبهماً والمضاف إليه (إذْ) ، كقوله : {ومن خزي يومئذٍ}"[1][19]" قرئ بفتح (يوم) وكسرها"[1][20]".
الثالث : أن يكون المضاف زماناً مبهماً والمضاف إليه فعل مبني بناءً أصلياً أو عارضاً كقوله :
عَلَى حِينَ عَاتَبْتُ المَشِيبِ عَلَى الصِّبَا
[وَقُلْتُ : أَلمَّا أَصْحُ وَالشَّيبُ وَازِعُ؟]"[1][21]"
وقوله :
74- [لأَجْتَذِبَنْ مِنْهُنَّ قَلْبي تَحَلُّماً] عَلَى حِينَ يَسْتَصْبِينَ كُلَّ حَلِيمِ"[1][22]"
فإن كان المضاف فعلاً معرباً أو جملة اسمية فأوجب البصريون الإعراب والصحيح جواز البناء .
الأمور التي لايكون الفعل معها إلا قاصرًا"[1][23]"
هي عشرون :
الأول : أن يكون على (فَعُلَ) لأنه لأفعال السجايا وما أشبهها ، ولذلك يحول المتعدي قاصراً إذا حول للمبالغة والتعجب نحو : ضَرُب الرجل وفَهُم بمعنى : ما أضربه وما أفهمه.
الثاني والثالث : أن يكون على (فَعِـَـل) ووصفهما على (فعيل) مثل : ذلَّ وقوي .
الرابع : (أفْعَل) بمعنى صار كذا ، مثل : أحصد الزرع أي صار حصاداً .
الخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر : على وزن (افعلَلَّ) كاقشعرَّ ، أو (افوَعَلَّ) كاكْوَهَدَّ الفرخ ، أو (افعنلل) أصلي اللامين كاحرنجم أو زائد أحدهما كاقعنسس ، أو (افعنلى) كاحربنى ، أو (استفعل) دالاً على التحول كاستحجر الطين ، أو (انفعل) كانطلق .
الثاني عشر : أن يطاوع المتعدي لواحد مثل : ضاعفت الحسنات فتضاعفت .
الثالث عشر : أن يكون رباعياً مزيداً فيه،مثل : تدحرج .
الرابع عشر: أن يضمن معنى فعل قاصر نحو : {ولا تعد عيناك عنهم}"[1][24]".
الخامس عشر إلى العشرين : أن يدل على سجيةٍ كلَؤمَ ، أو عرَض كفَرِحَ ، أو نظافة كطَهُرَ ، أو دنس كنَجِسَ ، أو لون كابيَضَّ ، أو حليةٍ كشَابَ .
الأمور التي يتعدى بها الفعل القاصر"[1][25]"
هي سبعة أو ثمانية وعدها .
مختصر مغنى اللبيب عن كتب الأعاريب | الباب الخامس | محمد بن صالح العثيمين |
[ الباب الخامس ]
ذكر جهاتٍ يدخل على المعرب الاعتراض من جهتها ، ومنها :
الجهة الخامسة"[1][1]": أن يترك بعض ما يحتمله اللفظ من الأوجه الظاهرة ، وذكر لذلك أمثلةً مرتبةً على الأبواب .
(كافة) :ملتزم فيها شيئان ؛
أولاً : استعماله لمن يعقل .
والثاني : نصبه على الحال .
اشترط النحويون في بعض الجمل أن تكون خبرية وفي بعضها أن تكون إنشائية ، فمن الأول ؛ الصلة والصفة والحال وخبر (كان) وخبر(إنَّ) وخبر ضمير الشان ، قيل وخبر المبتدأ وجواب القسم غير الاستعطافي ، أما الاستعطافي فيكون إنشاءً كقوله :
75- بِعَيشِكِ يَا سَلْمَى ارْحمِي ذَا صَبَابَةٍ
[أَبَى غَيرَ مَايُرْضِيكِ في السِّرِّ وَالجهْرِ]"[1][2]"
شروط الحذف"[1][3]"
شروط الحذف ثمانية :
الأول : وجود دليل إن كان المحذوف عمدة ، أما إن كان فضلة فالشرط أن لايكون في حذفه ضرر .
الثاني : ألا يكون ما يحذف كالجزء ، فلا يحذف الفاعل ولا نائبه ولا ما يشبهه .
الثالث : أن لايكون مؤكداً ، فلا يحذف العائد في نحو قولك : الذي رأيته نفسَه زيد .
الرابع : أن لايؤدي حذفه إلى اختصار المختصر ، فلا يحذف اسم الفعل دون معموله .
الخامس : أن لايكون عاملاً ضعيفاً ، فلا يحذف الجار والجازم والناصب للفعل إلا في مواضع قويت فيها الدلالة وكثر استعمالها ولايمكن القياس عليها .
السادس : أن لايكون عوضاً عن الشيء فلا تحذف (ما) في أما أنت منطلقاً ولا التاء من نحو : (عِدَةٌ وزِنَةٌ) .
السابع : أن لا يؤدي حذفه إلى تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه ، فلا يحذف المفعول - وهو الهاء - من ضربني وضربته زيد ، لئلا يتسلط على زيد ثم يقطع عنه برفعه للفعل الأول .
الثامن : أن لايؤدي حذفه إلى إعمال العامل الضعيف مع إمكان إعمال العامل القوي ، فلا يحذف الضمير في : زيد ضربته ، لأنه يؤدي إلى إعمال المبتدأ وإهمال الفعل مع أنه أقوى .
المحذوف المقدر ينبغي تقليله ما أمكن ، ولذلك كان تقدير الأخفش في قولهم :‘‘ضربي زيداً قائماً ’’ : ضربي زيداً ضربه قائماً أولى من تقدير باقي البصريين : حاصل إذا كان أو إذ كان قائماً ، لأنه لم يقدر إلا اثنين وهم قدروا خمسة .
إذا دار الأمر بين أن يكون المحذوف المبتدأ أو الخبر ، فقيل يكون المبتدأ وقيل يكون الخبر ، مثاله : { فصبر جميل}"[1][4]" هل يقدر فصبري صبر جميل أو يقدر فصبر جميل أمثل من ضده .
أذا دار الأمر بين كون المحذوف أولاً أو ثانياً ؛ فكونه ثانياً أولى ، مثاله : نون الوقاية في قوله : { أتحاجونِي }"[1][5]" بتخفيف النون ، ومثل : مَقُول ومَبِيع المحذوف منهما واو مفعول ، ومثل : إقامة المحذوف منها ألف إفعال ، ومثل : زيد وعمرو قائم ، فقائمٌ خبر للأول ، وقيل للثاني ، وقيل لهما ، ومثل ذلك مالم يوجد مانع من صحة الحذف من الأول أو الثاني فيمتنع .
وقد استطرد المؤلف رحمه الله لما يحذف من الجمل أو الكلمات في مواضع كثيرة ، ثم قال : الحذف الذي يلزم النحوي النظر فيه هو ما اقتضته الصناعة ، وذلك بأن يجد خبراً بدون مبتدأ ، أو شرطاً بدون جزاء ، أو معطوفاً بدون معطوف عليه ، أو معمولاً بدون عامل ، ونحو ذلك ، وأما غير ذلك مثل المحذوف في قوله تعالى : { سرابيل تقيكم الحر}"[1][6]" أي والبرد فهذا للمفسر لاللنحوي وبحثه في علم النحو فضول .
مختصر مغنى اللبيب عن كتب الأعاريب | الباب السادس : في أمور اشتهرت بين المعربين و الصواب خلافها | محمد بن صالح العثيمين |
الباب السادس
في أمور اشتهرت بين المعربين والصواب خلافها
قال المؤلف : وهي كثيرة يحضرني منها عشرون موضعاً وذكرها ، ونحن نذكر منها مايلي :
1_ قولهم"[1][1]" في (إذا) غير الفجائية: إنها ظرف لما يستقبل من الزمان فيها معنى الشرط غالباً ، وأحسن من ذلك أن يقال : ظرف مستقبل خافض لشرطه منصوب بجوابه صالح لغير ذلك.
2_ قولهم"[1][2]": ‘‘ ائتني أكرمْك ’’ إن الفعل مجزوم بجواب الأمر والصواب أنه جواب شرط مقدر .
3_ قولهم"[1][3]": المجازي التأنيث يجوز معه التذكير والتأنيث ، والصواب أن يقال : المسند إلى المؤنث المجازي يجوز فيه التذكير والتأنيث إذا كان فعلاً أو شبهه والفاعل ظاهرا ، ولذا لايجوز : هذا الشمس ، ولا هو الشمس ، بخلاف طلع الشمس .
4_ قولهم"[1][4]": النكرة إذا أعيدت نكرةً كانت غير الأولى ، وإن أعيدت معرفة أو كانت معرفةً فأعيدت معرفةً أو نكرة فالثانية هي الأولى ، ويشكل على هذه القواعد الأربع قوله تعالى : {الله الذي خلقكم من ضعف}"[1][5]" إلخ ، فإن (قوة) أعيدت نكرة ، والثانية هي الأولى ، وقوله تعالى : {أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير}"[1][6]" فإن الثاني أعم من الأول ، وقوله: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}"[1][7]" فإن الثاني الجزاء والأول العمل ، وقوله : {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتاباً}"[1][8]" فالثاني غير الأول ، ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن ما خرج عن القاعدة فلقرينة أخرجته .
5_ قولهم"[1][9]" في : {خلق الله السماوات}"[1][10]" أنه مفعول به ، والصواب أنه مفعول مطلق يوضحه أن المفعول به ما كان موجوداً قبل الفعل الذي عمل فيه ثم أوقع الفاعل به فعلاً ، والمفعول المطلق ما كان الفعل فيه هو إيجاده ، ومثل ذلك : كتبت كتاباً ، وعملت صالحاً ، بخلاف بعت كتاباً .
6_ قولهم في : (كاد)"[1][11]": إن إثباتها نفي ونفيها إثبات وهو خطأ والصواب أنها كغيرها إثباتها إثبات ونفيها نفي ، وبيان ذلك أن معناها المقاربة ، فمعنى : كاد يفعل قارب الفعل ، ولم يكد يفعل لم يقارب الفعل ، فإذا انتفت مقاربة الفعل انتفى عقلاً ذلك الفعل ، أما في حال الإثبات فإذا قلت : كاد يفعل ، فمعناه قارب الفعل ولم يفعل ، ولا يرد على ذلك قوله تعالى : {وما كادوا يفعلون}"[1][12]"مع أنهم فعلوا وذبحوها لأن نفي ذلك في أول الأمر ما قاربوا الفعل ولكنهم بعد فعلوا .
إذا قلت : مررت برجلٍ أبيض الوجه لا أحمرَِه ، فإن فتحت الراء فمحل الهاء النصب على التشبيه بالمفعول به ، وإن كسرت الراء فمحل الهاء جر بالإضافة ، لأن (أحمر) لا ينصرف فلا يجر بالكسرة إلا إذا أضيف .
إذا قيل : ما أنت ، فهو مبتدأ وخبر ، وإذا قيل : ما أنت وزيداً ، فما مفعول مقدم لفعل محذوف تقديره : ما تصنع أنت ، وأن فاعل تصنع برز لما حذف الفعل والواو للمعية وزيداً مفعول معه .
مختصر مغنى اللبيب عن كتب الأعاريب | الباب السابع : في كيفية الإعراب | محمد بن صالح العثيمين |
[الباب السابع]
[في كيفية الإعراب]
الباب الثامن
في ذكر أموركلية
القاعدة الأولى"[1][1]": قد يعطى الشيء حكم ما أشبهه كقوله تعالى : {ولم يعْي بخلقهن بقادر }"[1][2]" دخلت الباء في خبر(إنَّ) لأن هذه الجملة بمعنى : أوَليس الله بقادر ، وكقولهم : ‘‘علمت زيدٌ من هو’’ برفع زيد جوازاً لأنه نفس (من) المعنى ، وكقولهم : ‘‘ إن أحداً لايقول ذلك ’’ حيث استعملوا (أحداً) في الإثبات لأنه نفس الضمير المستتر في يقــول .
القاعدة الثانية"[1][3]": قد يعطى الشيء حكم الشيء إذا جاوره كقول بعضهم : ‘‘ هذا جُحُرُ ضبٍّ خربٍ ’’ بالجر ، والأكثر الرفع ، وكقولهم : رِجْسٌ نِجْسٌ ، والأصل : نَجِس ، وكقولهم : ‘‘ أخَذَه ما قدُم وما حدُث’’ بضم دال حدث .
القاعدة الثالثة"[1][4]": قد يشرب لفظ معنى لفظ آخر فيعطى حكمه ويسمى ذلك تضميناً ، وفائدته أن تؤدى كلمة واحدة مؤدى كلمتين كقوله تعالى : {يشرب بها عباد الله}"[1][5]" أي يروى بها .
القاعدة الرابعة"[1][6]": التغليب يغلبون الشيء مع غيره عليه كقولهم : الأبوين وقولهم : الخافقين للمشرق والمغرب ، أي المخفوق فيه .
القاعدة الخامسة"[1][7]": يعبر بالفعل عن وقوعه وهو الأصل ، وعن مشارفته ، كقوله تعالى: { فبلغنَ أجلهنَّ }"[1][8]" وعن إرادته وأكثر ما يكون ذلك بعد أداة الشرط ، كقوله : {فإذا قرأت القرآن}"[1][9]" وقوله : { وكم من قريةٍ أهلكناها فجاءها بأسنا }"[1][10]" أي أردنا إهلاكها .
القاعدة السادسة"[1][11]": يعبر عن الماضي والآتي كما يعبر عن الحاضر قصداً لإحضاره في الذهن ، كقوله تعالى : { وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة }"[1][12]" لأن لام الابتداء للحال .
القاعدة السابعة"[1][13]": قد يكون اللفظ على تقدير ، وذلك المقدر على تقدير آخر ، قالوا عسى زيد أن يقوم ، أي قياماً أي قائماً وقيل على حذف مضاف أي عسى أمر زيد قياماً أو عسى زيد صاحب قيام .
القاعدة الثامنة"[1][14]": قد يغتفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل ، كقولهم: رب رجلٍ وأخيه . فعملت (رب) في (أخيه) وهو معرفة ولو باشرها لم تعمل فيه .
القاعدة التاسعة"[1][15]": يتوسعون في الظرف والمجرور ما لايتوسعون في غيرهما ، فأجازوا الفصل بهما بين الفعل الناقص ومعموله بين فعل التعجب والمتعجب منه وبين الحرف الناسخ ومنسوخة وبين الاستفهام والقول الجاري مجرى الظن وبين حرف الجر ومجروره وبين المضاف والمضاف إليه وبين (إذن) و(لن) ومنصوبهما وقدموهما خبرين على الاسم في باب (إنَّ) ومعمولين للخبر في باب (ما) ومعولين لصلة (أل) وعلى الفعل المنفي بـ(ما) وعلى (إن) معمولين لخبرها وعلى العامل المعنوي .
القاعدة العاشرة"[1][16]": من فنون كلامهم القلب ، وأكثر ما يقع في الشعر ، كقوله :
76- وَمَهْمَهٍ مُغْبَرَّةٍ أَرْجَاؤهُ كَأَنَّ لَونَ أَرْضِهِ سمَاؤهُ"[1][17]"
أي كأن لون سمائه لون أرضه ، ومنه في غير الشعر : أدخلت القلنسوة في رأسي ، والأصل : أدخلت رأسي في القلنسوة .
القاعدة الحادية عشرة"[1][18]": من ملح كلامهم تقارض اللفظين في الأحكام ، ولذلك أمثلة منها : إعطاء كلمة (غير) حكم (إلا) في الاستثناء ، وإعطاء حكم (إلا) حكم (غير) ، ومنها إعطاء (أن) حكم (ما) المصدرية في الإهمال وبالعكس ، ومُثِّل له بقوله : ‘‘ كما تكونوا يولى عليكم ’’"[1][19]" ذكره ابن الحاجب ، والمعروف : ‘‘كما تكونون’’ ، ومنها : إعطاء (إن) حكم (لو) في الإهمال وبالعكس ، ومنها : إعطاء (إذا) حكم (متى) في الجزم بها وبالعكس ، ومنها : إعطاء (لم) حكم (لن) في النصب بها وبالعكس كقوله:
لن يخب الآن من رجائك من حرك دون بابك الحلقة"[1][20]"
[58]
ومنها إعمال (ما) النافية عمل (ليس) وإهمال (ليس) عند انتقاض النفي ، ومنها إعطاء (عسى) حكم (لعل) في العمل كقوله :
* يا أبتا علك أو عساكا *"[1][21]"
[33]
وإعطاء (لعل) حكم (عسى) في اقتران خبرها بـ(أن) كقوله : ‘‘ فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ’’"[1][22]" ، ومنها إعطاء الفاعل إعراب المفعول وبالعكس عند أمن اللبس ، كقولهم : ‘‘خرق الثوبُ المسمارَ’’ وسمع نصبهما كقوله :
77- قَدْ سَالَمَ الحَيَّاتِ مِنْهُ القَدَمَا [الأفْعُوَانَ وَالشُّجَاعَ الشَّجْعَمَا
وَذَاتَ قَرْنَينِ ضَمُوزاً ضِرْزِمَا]"[1][23]"
في رواية من نصب الحياتِ ، وسمع رفعهما كقوله :
78- [إِنَّ مَنْ صَادَ عَقْعَقاً لمَشُومُ] كَيْفَ مَنْ صَادَ عَقْعَقَانِ وَبُومُ"[1][24]"
وبهذا تم ما أردنا نقله مختصراً من مغني اللبيب في يوم الخميس
الموافق 6 ربيع الأول سنة 1389هـ والحمد لله الذي
بنعــمته تتم الصالحات وصلى وسلم الله على نبينا محمدوآله وصحبه مدى الأوقات
آمــين آميــن
آمين