الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا
أما بعد: فهذه بحوث في الصيام كتبتها بطلب من بعض الإخوان، ثم رغب إليَّ بعضهم في نشرها، فوافقت على ذلك، رجاء أن ينفع الله بها.
وقد ذكرت أقوال العلماء في المسائل الخلافية التي بحثتها، وقرنت كل قول بالدليل، أو التعليل في الغالب، ورجَّحت ما ظهر لي ترجيحه مع بيان وجه الترجيح، وقصدت من ذلك الوصول إلى الحق، وسمَّيتها
وأسأل الله أن ينفعني بها وإخواني
عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن الراجحي |
1- فرضية صيام رمضان ووجوبه:
الصيام في اللغة: مجرد الإمساك، يُقال: صام النهار، إذا وقف سير الشمس، ويقال للساكت صائم لإمساكه عن الكلام، ومنه قوله - تعالى - عن أي صمتًا؛ لأنه إمساك عن الكلام، ويقال للفردوس الممسك عن السير صائم، قال الشاعر:
تحت العجاج وأخرى تعلُك الُّلجُمَا |
يعني بالصائمة الممسكة عن الصَّهيل .
والصوم في الشرع: إمساك بنية عن أشياء مخصوصة من شخص مخصوص، بشرائط مخصوصة .
قال الله - تعالى -: .
وثبت في الصحيحين عن
ففي هذا الحديث الشريف أن الإسلام بني على دعائم خمس، وأن صيام رمضان هو الدعامة الرابعة، والركن الرابع من أركان الإسلام التي يقوم عليها الإسلام.
وثبت في صحيح البخاري .
فهذا الحديث فيه دليل على أن من أدى الواجبات والفرائض، وترك المحرمات فهو ناج، وهو من أهل الجنة لقوله، -صلى الله عليه وسلم-: بعد قوله: لا أتطوع شيئا، ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا. وهؤلاء هم المقتصدون، وهم الأبرار، فإن تطوع مع ذلك بفعل النوافل، والرواتب -نوافل الصلاة، والصوم والصدقة والحج والجهاد وغيرها- كان من السابقين، وهم المقربون، وهم أهل الدرجات العالية، فإن قصر في بعض الواجبات، أو ترك بعضها، أو فعل بعض المحرمات فهو ظالم لنفسه، وهو من أهل الجنة، وإن أصابه قبل ذلك شدة وأهوال وعذاب في القبر، أو في النار.
وهؤلاء الأصناف الثلاثة هم المصطَفَوْن أهل الجنة الذين أورثهم الله الكتاب قال الله - تعالى- نسأل الله الكريم من فضله.
ومن عن
ومعنى ترك أي ترك صوم عاشوراء وجوبا وبقي استحبابا.
وفي صحيح البخاري عن
.
ومن الأدلة على فرضية الصيام حديث الحديث.
فمن أنكر فرضية الصوم ووجوبه فهو كافر مرتد عن الإسلام؛ لأنه أنكر فريضة عظيمة وركنا من أركان الإسلام، وأمرا معلوما من الدين بالضرورة، ومن أقر بوجوب صوم رمضان، وأفطر عامدا من غير عذر، فقد ارتكب كبيرة عظيمة يُفسَّق بها، ولا يُكفَّر في أصح قولي العلماء، ويلزم بالصوم، ويعزره الحاكم الشرعي بالحبس، أو الجلد، أو كليهما، وقال بعض أهل العلم: إذا أفطر رمضان من غير عذر كفر، نسأل الله السلامة والعافية من كل سوء، ونسأله الثبات على دينه حتى الممات.
2-
يجب صوم رمضان بأحد أمرين لا ثالث لهما:
أحدهما: | رؤية هلال رمضان. |
والثاني: | إكمال شعبان ثلاثين يوما. |
ويجب الفطر من رمضان بأحد أمرين لا ثالث لهما:
أحدهما: | رؤية هلال شوال. |
والثاني: | إكمال رمضان ثلاثين يوما إذا ثبت رؤية هلال رمضان بشهادة عدلين. |
والأدلة على ذلك كثيرة في السنة المطهرة، فمنها ما ثبت في صحيح البخاري عن
.
وعن أخرجه
.
وفي صحيح البخاري عن
ومعنى الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
أي - بسط أصابع يديه العشر - "وهكذا" أي بسط أصابعه العشر مرة ثانية فتكون عشرين يوما، ثم بسط أصابعه العشر في المرة الثالثة وخنس الإبهام أي قبضه فتكون تسعة أيام مع العشرين السابقة فيكون الشهر تسعة وعشرين يوما - يعني هذا المحقق - وقد يكمل فيكون ثلاثين يوما.
وفي صحيح البخاري عن
.
وللعلماء في قوله -صلى الله عليه وسلم- تأويلان:
أحدهما: تأويل الجمهور أن المراد بقوله: "فاقدروا له" انظروا في أول الشهر واحسبوا تمام الثلاثين، ويرجح هذا التأويل الروايات الأخرى المصرحة بالمراد كقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث وفي حديث
.
وفي حديث
.
وقوله في حديث .
وأولى ما فسّر الحديث بالحديث، وتأويل الجمهور هذا هو الصواب، وهو أنه لا يصام إلا برؤية الهلال، أو بإكمال عدة الشهر ثلاثين يوما سواء كان الشهر شعبان، أو رمضان، ويؤيد هذا المعنى، وهذا التأويل الأحاديث التي وردت بالنهي عن صوم يوم الشكّ كحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:
وحديث
.
التأويل الثاني: أن المراد بقوله "فاقدروا له" ضيّقوا له بجعل الشهر تسعة وعشرين يوما فيصام يوم الثلاثين إذا كان يوم غيم، وإلى هذا ذهب
وقيل في معنى قوله "فاقدروا له" أي بحساب المنازل.
الثاني: أنه يجوز تقليد الحاسب دون المنجّم.
الثالث: أنه يجوز لهما ولغيرهما مطلقا.
ومن الأدلة على بطلان هذه الأقوال: ما ثبت في صحيح البخاري عن
يعني مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين.
فهذا الحديث دليل على إبطال الاعتماد على الحساب في دخول الشهر وخروجه، وإنما يعتمد على الرؤية، أو إكمال عدة الشهر ثلاثين يوما، والحديث وصف هذه الأمة أهل الإسلام وصفا أغلبيا بأنه ليس من شأنها الكتابة والحساب في دخول الشهر وخروجه، وإن كانت تكتب، وتحسب في الأمور الأخرى كأمور التجارة وغيرها، والمراد أنه لا يعول على الحساب، وإنما يعول على رؤية الهلال في الأحكام؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- علق الحكم بالرؤية لا بالحساب، والرؤية يدركها الخاص والعام، والجاهل والعالم، وهذا يدل على يسر الشريعة وسماحتها فلله الحمد على ما يسر وسهل، وله الحكمة التامة في ما يشرعه لعباده لما يعلمه سبحانه لهم من المصلحة والرحمة، وهو الحكيم العليم سبحانه وبحمده.
3-أطوار الصيام وأحواله:
اقتضت حكمة العليم الخبير أن تكون شرعية صيام رمضان على أطوار وأحوال، لما لله سبحانه في ذلك الحكمة والرحمة المناسبة لأحوال عباده.
فالحال الأولى والطور الأول: تخيير العبد بين الصيام وبين الإفطار والإطعام عن كل يوم مسكينا، والصيام أفضل وذلك في قوله - تعالى - بعد قول الله - تعالى -:
.
الحالة الثانية والطور الثاني: إيجاب الصيام حتما على المقيم الصحيح القادر المكلف، لكن إذا حضر الإفطار وغابت الشمس، ثم نام قبل أن يفطر، أو صلى العشاء حَرُم عليه الطعام والشراب والنساء إلى الليلة المقبلة، فحصل عليهم حرج، ومشقة شديدة.
الحال الثالثة والطور الثالث: إباحة الأكل والشرب والنساء في ليل الصيام من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، وأنزل الله في ذلك قوله - تعالى - .
وعن ففرحوا بها فرحا شديدا، ونزلت:
البخاري
.
ففي هذا الحديث قيد المنع من الأكل والمفطرات بالنوم، وقيد المنع من ذلك في حديث وفي جزاء
وعن كان من أراد أن يفطر، ويفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها، وعنه - رضي الله عنه - أنه قال: كنا في رمضان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من شاء صام، ومن شاء أفطر، فافتدى بطعام مسكين حتى أنزلت هذه الآية:
أخرجه
.
وبهذه النصوص يتبين أن الذي استقرت عليه الشريعة في صيام رمضان، هو وجوب الصوم على المكلف القادر الصحيح المقيم حتما، ولا يجوز له الفطر في نهار رمضان، وأن الله أباح الفطر للصائم في ليلة الصيام من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، فلله الحمد على ما يسَّر وسهّل وامتن ولطف وأعظم الأجر لعباده المؤمنين، والحمد لله رب العالمين.
(من كتاب الالمام بشىء من أحكام الصيام للعلامة عبد العزيز الراجحى حفظه الله )
nike flex contact boys shoes gray - Nike Air Force 1 Shadow Cashmere/Pale Coral - Pure Violet CI0919 - 700 | Latest Releases , IetpShops - Women's Nike Air Jordan 1 trainers - nike lunarglide 2 boys