عبد السلام بن برجس آل عبدالكريم

ترجمة الشيخ عبدالسلام بن برجس آل عبدالكريم

 

من مقال بقلم/ هاني بن سالم الحسيني الحارثي - جدة
نشرت في جريدة "الجزيرة" السعودية

لقد فجع أهل السنة والجماعة عند تلقيهم لخبر وفاته فضيلة الشيخ الدكتور عبدالسلام بن برجس بن ناصر آل عبدالكريم الذي وافته منيته ليلة السبت الموافق 13 - 2 - 1425هـ في حادث مروري مروّع في طريقه من الأحساء إلى الرياض.

والشيخ عبدالسلام معروف لدى علماء هذه البلاد المباركة ومشايخها، والدليل كثرة العلماء والمشايخ الذين حضروا للصلاة عليه، ولقد سمعت عدداً من المشايخ والفضلاء يقول: (لقد فاق علم الشيخ عبدالسلام سنه) ولقد قيل: (لو عُمر لكان آية) ولقد رأيت الكثير من العلماء وطلاب العلم متأثرين بفقده، فلقد كان مدافعا عن السنة منافحا عنها بنفسه وقلمه وماله.

ولقد مَنّ الله عليّ بالقرب من الشيخ فترة تعد قصيرة بالنسبة إلى عدد من أخلائه وأحبائه، وكنت في قربي منه إذا سمعت منه شيئا في ترجمته وأخباره قيدته، فاجتمع لي شيء من هذه الأخبار، وكلما ضمني به مجلس ذاكرته بها وكان يقول لي (أنا لست ممن يترجم له أنا أقل من ذلك)، والآن أرى أنه من أقل الواجب له أن أبرز هذه الترجمة على ما فيها من قصور. فأقول - مستيعنا بالله :

هو أبوعبدالرحمن عبدالسلام بن برجس بن ناصر آل عبدالكريم.

وأسرة آل عبدالكريم من الأسر المشهورة في حرمة التابعة لمحافظة المجمعة، وهذه الأسرة من المعامرة من بني سعد من بني تميم.

- ولد في الرياض في عام 1387هـ كما هو مثبت في بطاقة الأحوال الشخصية له، ونشأ في رعاية أبويه، وبيتهم بيت ديانة وصلاح، ولقد كان الشيخ من صغره ذكيا حازما مجدا مجتهدا.

حفظ القرآن، وبدأ في طلب العلم، وهو في الثالثة عشرة من عمره، ولاحظ مشايخه عليه علامات النبوغ والتميز فأوْلَوْه مزيد عناية واهتمام.

ولقد تتلمذ الشيخ على يد عدد من علماء هذه البلاد المباركة منهم :

الإمام العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ت 1420هـ - رحمه الله - لازمه فترة، وحضر العديد من دروسه خصوصا في بلوغ المرام لابن حجر، وتفسير ابن كثير وغيرها من الكتب.

ومنهم: الشيخ الفقيه الأصولي محمد بن صالح بن عثيمين ت 1421هـ - رحمه الله - وقد رحل اليه الشيخ عبدالسلام ما بين سنتي 1401 - 1403هـ في فترة إجازات المدارس النظامية، كما لازمه حينما بدأ الشيخ محمد دروسه في المسجد الحرام بمكة سنة 1402هـ، وكان يسكن معه قبل أن يصطحب الشيخ معه أهله إلى مكة، وغير ذلك من الأوقات، وقد قرأ عليه في كتاب التوحيد والعقيدة الواسطية والعبادات من زاد المستقنع في الفقه، والأجرومية في النحو، ومختصر قواعد بن رجب للشيخ محمد، وصحيح البخاري قرابة النصف، وقد كان الشيخ محمد يجل الشيخ عبدالسلام ويقدره، ولقد رأيت هذا بنفسي. ومنهم الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين لازمه مدة أربع سنوات قرأ فيها عليه التوحيد لابن خزيمة، والنونية لابن القيم مع شرحها لابن عيسى، وقد حفظ منها الشيخ عبدالسلام قرابة الألف بيت، كما قرأ في زاد المستقنع مع الروض المربع، ومعارج القبول للشيخ حافظ الحكمي.

وقد استفاد الشيخ عبدالسلام من الشيخ ابن جبرين كثيراً.

ومنهم الشيخ المحدث العلامة عبدالله بن محمد الدويش ت 1409هـ قرأ عليه في فترة الإجازات النظامية في بريدة، قرأ عليه ألفية العراقي، وقطعة من سنن أبي داود.

ومنهم الشيخ صالح بن عبدالرحمن الأطرم - رفع الله عنه - درس عليه في كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود في حاشية الروض لابن قاسم وفي دروس مسجده، ومنهم الشيخ فهد الحمين - حفظه الله - قرأ عليه في التوحيد والفقه، ومنهم الشيخ عبدالله بن قعود - رفع الله عنه - قرأ عليه في فتح المجيد .

ومنهم الشيخ الفقيه الأصولي عبدالله بن عبدالرحمن بن غديان درس عليه في المعهد العالي للقضاء.

ومنهم الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي ت 1410هـ حضر له دروساً في زاد المستقنع مع حاشيته عليها المسماة (السلسبيل في معرفة الدليل).

ومنهم الشيخ الدكتور عبدالكريم الخضير قرأ عليه في نيل الأوطار للشوكاني، وألفية العراقي في المصطلح،

ومنهم الشيخ الفرضي أ. د عبدالمحسن بن محمد المنيف قرأ عليه الرحبية في الفرائض في مكة سنة 1405هـ في رمضان.

هؤلاء بعض مشايخه الذين تلقى الشيخ عنهم على جادة أهل العلم، وأما دراسته النظامية، فقد تلقى الشيخ تعليمه في مدينة الرياض، فأخذ المرحلة الابتدائية فيها، ثم التحق بالمعهد العلمي التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود، ثم التحق بكلية الشريعة في الجامعة وتخرج منها في 1410هـ، فعين بعدها مدرسا في المعهد العلمي في القويعية التي تبعد قرابة 170 كم غرب الرياض على طريق مكة، ثم سمت همته للدراسات العليا فالتحق بالمعهد العالي للقضاء وأكمل فيه دراسة الماجستير، وكانت رسالة الماجستير بعنوان: (التوثيق بالعقود في الفقه الإسلامي).

ثم عين قاضيا في وزارة العدل، ولكنه طلب الإعفاء فلم يعف إلا بعد جهد جهيد، ثم رشح بعدها في ديوان المظالم في مدينة جدة، ولكنه لم يمكث فيها إلا أسبوعاً واحدا، ثم ترك الديوان رغبة عنه، وطلبا للسلامة، وعاد إلى الرياض محاضرا في المعهد العالي للقضاء، وقد تحصل على الدكتوراة في 1422هـ في تحقيقه لكتاب (الفوائد المنتخبات شرح أخصر المختصرات) لعثمان بن جامع ت 1240هـ بالاشتراك، وكان المشرف عليه سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، وبعدها عين أستاذا مساعدا حتى وفاته - رحمه الله - .

ولقد كان - رحمه الله تعالى - غاية في الأدب، متواضعا معروفا بوداعته وأنسه وبشاشته مع والديه وشيوخه وأهل بيته ومجالسيه، وكل من خالطه يعرف عنه ذلك، لذلك كثر من تأثر بوفاته وحزن نسأل الله أن يجمعنا به في دار كرامته.

والشيخ عبدالسلام - رحمه الله - شاعر مجيد، قصائده في الذروة، وفي غاية من الرقة، وله مساجلات شعرية، وشعره يدل على فطرية هذه الموهبة، وعلى أنه لم يكن يتكلف كتابته، وكان شعره في أسماره ومحدودا بأصدقائه وأحبائه لو قدر أن تجمع لجاءت في مجلد لطيف يسر الله لها من يجمعها.

والشيخ عبدالسلام - رحمه الله - صاحب قلم سيال وعبارة رشيقة، له مؤلفات عديدة سارت بها الركبان، وشرقت وغربت وحصل بها نفع عظيم، وأول تأليف للشيخ كان قبل الثامنة عشرة من عمره، وهي كتب قيمة حصل بها النفع العظيم، وها أنا أذكر ما أعلمه منها وأذكر المطبوع وغير المطبوع.

1 - القول المبين في حكم الاستهزاء بالمؤمنين مطبوع في كتيب لطيف.

2 - إيقاف النبيل على حكم التمثيل مطبوع، في كتيب متوسط الحجم.

3 - التمني، مطبوع.

4 - عوائق الطلب، مطبوع.

5 - الإعلام ببعض أحكام السلام، مطبوع في كتيب لطيف.

6 - الحجج القوية على أن وسائل الدعوة توقيفية، كتاب مطبوع لطيف الحجم في غلاف.

7 - ضرورة الاهتمام بالسنن، كتاب لطيف الحجم في غلاف.

8 -الأبيات الأدبية الحاصرة طبع مرتين.

9 - الأبيات العلمية الحاصرة ذكرها الشيخ في مقدمة كتابه السابق، وذكر أنه لم يتم بعد، وقد سألته قبل وفاته بخمسة أشهر فقال: إنه لم يتم، ولو تم لكان عجباً أطلعني الشيخ على موضوعين منه، ولو طبع على حالته التي تركها الشيخ عليه لكان نافعاً جداً.

10 - المعتقد الصحيح الواجب على كل مسلم اعتقاده، وهو في الأصل محاضرة ألقاها الشيخ في الجامع الكبير، وعقب عليها الشيخ عبدالعزيز بن باز وأثنى على الشيخ عبدالسلام - رحمهما الله - وقد أشار أحد المشايخ الفضلاء بطبعها فنزل الشيخ على رغبته، فطبعت عدة طبعات فحصل به نفع عظيم.

11 - إبطال نسبة الديوان المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية، مطبوع في غلاف لطيف.

12 - مجموع شعر شيخ الإسلام ابن تيمية، مطبوع بذيل الكتاب السابق.

13 - معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة، طبع عدة طبعات، وحصل به نفع عظيم، وهو كتاب فريد في بابه.

14 - الأمر بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم والتحذير من مفارقتهم، وهو في الأصل فصل من الكتاب السابق، أشار إليه أحد المشايخ المقربين منه أن يفرده لأهميته، فنزل على رغبته، فأفرده، وزاد عليه، طبع كثيرا، وحصل به نفع عظيم.

15 - بيان المشروع والممنوع من التوسل، مطبوع.

16 - التوثيق بالعقود في الفقة الإسلامي، وهو بحث تكميلي تقدم به الشيخ لنيل درجة الماجستير في المعهد العالي للقضاء ولم يطبع.

17 - قطع المراء في حكم الدخول على الأمراء، وقد ألفه الشيخ بناء على طلب أحد المشايخ الفضلاء مطبوع في مجلد لطيف.

18 - الأحاديث النبوية في ذم العنصرية الجاهلية، مطبوع في كتاب متوسط الحجم.

19 - الخيانة: ذمها وذكر أحكامها، مصفوف وجاهز للطبع أخبرني الشيخ بذلك قبل وفاته بأربعة أشهر تقريباً.

20 - مشروعية هبة الثواب، مصفوف وجاهز للطبع.

21 - المحاضرات في الدعوة والدعاة: والكتاب عبارة عن قرابة ثلاث عشرة محاضرة ألقاها الشيخ، وقمت بتفريغها مع الأخ منصور بن مبارك السفري وقام الشيخ بمراجعتها وتهذيبها ثم صفت وهي جاهزة للطبع.

22 - شرح المحرر في الحديث لابن عبدالهادي ت 744هـ، وكانت له عناية بهذا الكتاب محباً له وراغبا في إتمامه، ولكنه قدر الله فلم يتمه الشيخ انتهى من كتاب الطهارة وغالب كتاب الصلاة.

23 - تدوين العقيدة السلفية جهود أئمة الإسلام في نشر العقيدة الإسلامية، وهو كتاب ممتع، وفيه فائدة وهو عبارة عن جمع لكتب السلف في العقيدة مع تراجم مختصرة لأصحابها، وكان الشيخ ينوي أن يجعله على جزءين الأول من القرن الأول وحتى نهاية القرن السابع، والثاني من بداية القرن الثامن، وحتى هذا العصر والشيخ أتم الجزء الأول، وأما الجزء الثاني فلم يشرع فيه حسب علمي القاصر.

والأول مصفوف وجاهز للطبع، وفي مكتبتي صورة منه.

24 - كتاب في الفقه وكان الشيخ يذكره كثيرا، ويذكر أنه يحرر فيه، ويدقق ولا أدري كم قطع الشيخ فيه.

25 - تراجم لبعض العلماء ولا أدري ما خبره، ذكره لي الشيخ الفاضل عبدالكريم بن محمد المنيف، وذكر أن الشيخ عبدالسلام ذكره له.

26 - بيان مشروعية الدعاء على الكافرين بالعموم، وهي رسالة لطيفة الحجم في هذه المسألة في ثماني صفحات مطبوعة ومنتشرة.

27 - ضرب المرأة بين حكم الشرع وواقع الناس.

وربما أن هناك أشياء أخرى لا أعلم بها، كما أن للشيخ عددا من المقالات المنشورة في الصحف والمجلات، وللشيخ عناية بكتب علماء الدعوة النجدية تحقيقا ونشرا وسعيا في نشرها، والعناية بها، فله الفضل بعد الله عز وجل في إعادة طبع كتاب (مجموعة الرسائل والمسائل النجدية) والتي طبعت عام 1346هـ؛ ولقد قام - رحمه الله - بتحقيق الكثير من الرسائل التي صدرت في سلسلتين الأولى بعنوان: (سلسلة رسائل وكتب علماء نجد الأعلام) والثانية بعنوان (من رسائل علماء نجد الفقهية)، وهي على النحو التالي :

1 - دحض شبهات على التوحيد للشيخ عبدالله أبابطين.

2 - الفوائد العذاب للشيخ حمد بن معمر.

3 - الرد على القبوريين للشيخ حمد بن معمر.

4 - الضياء الشارق للشيخ سليمان بن سحمان.

5 - سؤال وجواب في أهم المهمات للشيخ عبدالرحمن بن سعدي.

6 - تحفة الطالب والجليس للشيخ عبداللطيف آل الشيخ.

7 - الصواعق المرسلة الشهابية للشيخ سليمان بن سحمان.

8 - الرد على شبهات المستعينين بغير الله للشيخ أحمد بن عيسى.

9 - كشف الشبهتين للشيخ سليمان بن سحمان.

10 - إقامة الحجة والدليل للشيخ سليمان بن سحمان.

11 - شفاء الصدور في الرد على الجواب المشكور للشيخ محمد بن إبراهيم.

12 - الرد على جريدة القبلة للشيخ سليمان بن سحمان.

13 - التحفة المدنية في العقيدة السلفية للشيخ حمد بن معمر.

14 - أصول وضوابط في التكفير للشيخ عبداللطيف آل الشيخ.

15 - نصيحة مهمة في ثلاث قضايا لمجموعة من علماء الدعوة.

16 - منهاج أهل الحق والاتباع للشيخ سليمان بن سحمان.

17 - الرسائل الحسان للشيخ عبدالله بن حميد.

18 - نصيحة في التحذير من المدارس الأجنبية للشيخ عبدالرحمن بن سعدي.

19 - التأسيس والتقديس في كشف تلبيس دواد بن جرجيس للشيخ عبدالله أبابطين.

ومن السلسلة الثانية:

20 - الجهر بالذكر بعد الصلاة للشيخ سليمان بن سحمان.

ورسالة منفردة:

21 - مناصحة الإمام وهب بن منبه لرجل تأثر بمنهج الخوارج.

22 - الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات لابن جامع النجدي، وقد حققه الشيخ، وتقدم به للمعهد العالي للقضاء لنيل درجة الدكتوراه في الفقه المقارن، وقام بتحقيق الكتاب من أوله إلى آخر باب الهبة، ولقد كان المشرف على الرسالة سماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ - أمد الله في عمره - .

وهناك كتب أخرى قام الشيخ - رحمه الله - بتحقيقها، ولكنها لم تطبع.

ولقد كان الشيخ عبدالسلام حريصا على نشر الكتب العلمية عموما، وكتب علماء الدعوة خصوصاً، وكان ربما صور المخطوطات، أو سعى في تحصيلها لمن يقوم بتحقيقها، وقد أحصيت أكثر من ثلاثين - ما بين - كتاب ورسالة يذكر محققوها أنهم استفادوا بعض النسخ في تحقيقهم من مكتبة الشيخ - رحمه الله - وهناك الكثير من أخباره ومآثره التي يصعب حصرها هنا، فلعل الله ييسر جمعها وتبويبها.

أسأل الله أن يتجاوز عنا وعنه، وأن يجمعنا به في دار كرامته، وأن يغفر لنا وله ولوالديه ولإخوانه ولمحبيه وألا يحرمنا أجره وألا يفتنا بعده، آمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا إلى يوم الدين. " ا.ه
 

 

قصيدة "دمعة وفاء لابن برجس" للشيخ زيد المدخلي

 
عـيونٌ بكتك رفيع المقامْ عـنيتُ بشعريَ عبد السلامْ
وشيخ الشباب رفيق العِظامْ ضـجيع العلوم بكل اهتمامْ
بكاء المنابر يا ابن الكرامْ عـليك شهيرٌ لطيب الكلامْ
حـباك الإه بـحسن الختامْ ثـناء الـخليقة خير الوسامْ
وربـي سألتُ لعبد السلامْ رفـيع الجنان وأعلى مقامْ

كلمة في رثاء الشيخ عبد السلام بن برجس، للشيخ علي الحلبي

رحمَ اللهُ عبدَالسلام . . .
-مِن دُعاة السنةِ ومنهج السلف -في الإسلام-

-الشيخ علي بن حسن الحلبيّ الأثريّ-

عندما يموتُ لنا صديقٌ: نحزنُ، ونأسى، ونأسفُ، ونتأثّرُ بفقده -جدّاً- . . .

فكيف إذا كان هذا الصديقُ صدوقاً، وفيّاً، محبّاً، ودوداً؟!

فكيف إذا كان هذا الصديق سُنِّيّاً، سلفيّاً، أثريّاً، داعيةَ سُنّةٍ وتوحيد، رادّاً على أهل الانحرافِ والبدع والغُلُوّ؟!

فكيف -كيف- إذا كان هذا الصديق عالماً فاضلاً، وشيخناً واثقاً، وعَلَما بارزاً؟!

. . . إنَّ هذا -كلَّه- واللهِ- لَسَبَبٌ أجلُّ في أن يتضاعفَ الحُزْن، ويعظُمَ الأسى، ويشتدَّ الأسف، ويزدادَ التأثُّر . .

وبخاصَّةٍ في زَمنٍ عَسِرٍ؛ كَثُر فيه المطلوبُ، وقلّ المساعدُ والمُعين، ولا ناصرَ إلا اللهِ!!

واللهِ؛ إنَّ حاجتنا لأمثالِ مَن هذا حالُه: كبيرةٌ، لأنّه واضحُ الفِكْر، بيِّنُ التوجُّه، ثاقبُ البصيرة، مستشرفُ المستقبلِ . . .

إنّه أخونا الوفيّ، وصديقنا الصفيّ، وحبيبنُا النقيُّ: أبو عبدالرحمن، عبدالسلام بن برجس آل عبدالكريم -تغمده اللهُ برحمته، وأدخله فسيحَ جنّاتهِ، وصبّر أهلَه وذويه، وإخوانَه ومُحبيه: على مرارةِ فقدهِ، وصعوبةِ موته-ِ . . .

إنّ العينَ لتدمع، وإن القلبَ ليحزن، وإنا على فِراق أبي عبدالرحمن لمحزونون . . .

وليس لنا مِن سلوى نُسلّي بها نفوسنا، ونُعزّي بها أنفسَنا: أكثرُ ممّا وَرَدَ عن بعض أئمّة السلف الصالحين مِن آثارٍ تعين على احتمال المصيبة، والصبر عليها:

- قال الإمام عون بن عبدالله: «مَن مات على الإسلامِ والسنة: فله بشير بكل خير» «شرح أصول اعتقاد أهل السنة» (60).

- وقال الإمام الفُضيل بن عيَاض: «طوبى لمن ماتَ على الإسلام والسنة». رواه اللالكائي (268).

- وقال الإمام أيوب السَّختِياني: «إنّه ليبلغني موتُ الرجل مِن أهل السنة: فكأنّما أفقد بعضاً مِن أعضائي». رواه أبو نُعيم في «الحلية» (3/9).

. . . نحسبُه كذلك، ولا نُزكّيه على اللهِ -تعالى-.

اللهم ارحم عبدَك عبدالسلام، وأدخلْه الجنّة بسلام، وألحقنا به في صالحي عبادك -في دار السلام-.

والسلام . . .

قصيدة رثــــــاء و وفــــــاء
قُــلْ لـلـشـبـابِ ولـلـشـيـوخِ تـصـبَّـرُوا فــي فَــقْـدِنَـا عَـلَـمًـا ومِــن خُـسـرانِـهِ
رَحِـــمَ الإلَــهُ عُــبَـيْـدَهُ فــي قــبــرِهِ رَحَــمــاتُــهُ بــالــبِــرِّ فـــي إحــســانِـهِ
هــذا (الـسلامُ) مُـسَـلِّـمٌ فــي عَــفْـوِهِ (عــبــدَ الــســلامِ) ومُــكْــرِمٌ بِـجِـنَـانِـهِ
هـو (بَـرْجَـسٌ) فـي ذي الـسماءِ بعلمِهِ قــد مَــدَّ نــورًا زاد عــن أوطــانِـهِ
عِــلْــمٌ ونَــهْــجُ رســولِـنَـا فــي سُــنّـةٍ وبــفــهــمِ أســـلافٍ عُـــلا بُــنـيـانِـهِ
أخــــلاقُـــهُ آدابُـــــهُ وفـــضـــائـــلٌ عَــزَّ الـنـظـيـرُ نــظـيـرُهُ عــن شــانِـهِ
ولــســانُـهُ عــذْبُ الــكــلامِ وسَــلْـسَـلٌ وكــأنَّــهُ مــنــه صَـــدى ألــحــانِــهِ
أمَّـــا الــتــبــدُّعُ والــتــحــزُّبُ إنَّـــهُ يَــكْــوِيـهِـمُ مــنــه لَــظَــى بُــركــانِـهِ
وكـــذا الــمـكـفِّـر والـجـهـالـةُ رمــزُهُ هـــو عــنــده عــنــوانُ ذُلِّ هــوانِــهِ
وكـــذا الـفُـويـسِـقُ والــكـفـورُ لــربِّــهِ قــد ضــلَّ بـالـكـفـرانِ فــي طُـغـيـانِهِ
وكـــذاك دعــوتُــهُ بــكُــلِّ وســيــلـةٍ فــي الـحـقِّ كــان الـحـقُّ طَــوْعَ بـنـانِهِ
إخــلاصُــهُ ووفـــاؤُهُ قُـــلْ بَــذْلُــهُ عَــمَّ الــذُّرى بــل طَــفّ عــن بُـلـدانِهِ
داعٍ إلـــى الــحــقّ الـحـقـيـقِ بِــحُـجَّـةٍ بــل مُــمْـسِـكٌ فــيــه بــغَــرْزِ عَــنـانِـهِ
قَــدْ نَــالَ دومًــا فــي الـقُـلُوبِ مـكـانةً بــتــودُّدٍ مــنــه مـــدى أزمــانِــهِ
والــعَـدْلُ فــي الأحــكـامِ رأسُ طـريـقِـهِ مِــن غــيــرِ فَــرْقٍ بــيـن ذا وفُــلانِـهِ
هـــذا وربِّـــي دأْبُــهُ قُــلْ نَــهْـجُـهُ هـــذا وربِّــي قُــلْ عِــيَــارُ وِزَانِــهِ
فــانـظُـر إلــى كُــتْــبٍ لــه مـنـشـورةٍ كــكــتـابِ «حُــكَّــامٍ» بـــلا كــتـمـانِـهِ
وكــذاك «مـعـتـقدٌ» لــه فــي صــحّـةٍ مِــن آخِــرِ الـتـصـنيفِ فــي عِـرْفـانِـهِ
ولـــه تــآلــيــفٌ لــطــيــفٌ سَــبْـكُـهـا مِــن سُــنّــةِ الــهــادي كــذا قُــرآنِــهِ
مــع حُــسـنِ تـرصـيـفِ الــكـلامِ بِــدِقّـةٍ قــد زادَهَــا فــضــلاً جــمــالُ بــيـانِـهِ
والــلَّــهِ قــد كُــسِــرتْ قــلـوبُ أحــبَّـةٍ مِــن شــامِـنَـا حــتَّــى إلــى تَـطْـوانِـهِ
هُــم إخــوةٌ جُـمِـعُـوا بــظـلِّ مـنـاهـجٍ والــحــقُّ يــعـلـوهـم بــعِــزّ مــكــانِـهِ
بـالـعـلـمِ قــال الــلَّــهُ قــال رســولُــهُ هــذا احـتـجـاجُ الــحـقِّ فــي بُـرهـانِـهِ
لا بــالــتــأقـلُـمِ أو تــحــزُّبِ فِــرْقــةٍ هــذا ســبـيـلٌ شــذّ عــن رُجـحـانِـهِ
زِدْ أنَّـــهُ ســـوءُ الــبــلاءِ حــقـيـقـةً فــمُــنـاقِـضٌ لــلــعَــدْلِ بـــل إيــمــانِـهِ
بـــابُ الأُخــوّةِ دون هــذا مُــوْصَــدٌ بــل أُشْــرِعَـتْ فــيـه كُــوى حِـرْمـانِـهِ
فــالــلَّــهُ يُـنْـجِـيـنَـا بــرحــمـةِ فَــضْــلِـهِ مِــن لـحـظـةِ الــمـوتِ رِضَــا غُـفْـرانِهِ
فــي الـقـبرِ تـحـت الأرضِ أيـضًا رحـمةٌ فــيــهـا الــنــجـاةُ مِـــن بَــلاَ فَــتَّـانِـهِ
أمَّــا الــحِـسَـابُ فـعـنـد ربِّ الــكـونِ إذ جُــلُّ الـمُـنَـى فــي الـبُـعدِ عــن نـيـرانِهِ
والــلَّــهِ لــن يُــخــزيْ الإلــهُ مُــوحِّـدًا يــدعــو إلــيــهِ بــفــعـلِـهِ ولــســانِـهِ
أمَّـــا الــمُـخـالـفُ لــلــصـوابِ فــإنَّــهُ حــالٌ بــه اضـمـحـلالُ مــثـلُ دُخــانِـهِ
عــبــدٌ لــهــذا الــربِّ عــبــدٌ صــادقٌ يـحـمـيـه ربِّــي عــزَّ فــي سُـلـطـانِهِ
فــالــلَّـهُ يــرحــمُـهُ الــكــريـمُ بــفـضـلِـهِ رَحَــمَــاتِ خــيــرٍ إنَّـــهُ بــضـمـانِـهِ
مِــن غــيــرِ تــزكـيـةٍ لــه فــي ربِّــهِ لـكــنَّ هــذا الــظــنُّ فــي حُـسْـبـانِـهِ
هــذا الـقـصـيدُ كـتـبـتُهُ فــي مـجـلـسٍ مِـــن غــيــرِ تَــزْيــيـنٍ ولا حــيــرانِـهِ
تِــلــكـم عــقــودٌ أربــعٌ لــم تَـكْـتـمـلْ عــددُ الـسـنـيـن إلــى مَــلا أكـفـانِـهِ
هـــي نــفــسُـهَـا أعـــدادُ تـألـيـفـاتِـهِ رَوْحٌ لـــه بــالـطِّـيـب مـــع رَيْــحـانِـهِ
والــلَّــهُ أَوْلَــى بـالـعـبـادِ مِــن الــذي أدمَــى الـعـيـونَ وكَــلَّ فــي أجـفـانِـهِ
 

صفات الخير اجتمعت فيه وتفرقت في غيره!

 

الشيخ عبد العزيز السدحان متحدثا عن الشيخ عبد السلام البرجس: - كان سليم الصدر عفيف اللسان بعيدا عن الخوض في أعراض الدعاة والعلماء - ما زلت أذكر إشادة الشيخ ابن عثيمين بنباهة أخي عبد السلام وسرعة حفظه - رحمه الله - - جمع - رحمه الله- بين الخطابة والكتابة وتلاوة القرآن ونظم الأشعار - تميزت كتاباته بالتوثيق العلمي والرصانة والجزالة - مؤلفاته طبعت منها مئات الألوف وهي تدرس في الجامعات والمعاهد الإسلامية كتب ـ عبدالرحمن بن صالح آل شاكر:
وها هي أمتنا في هذه الأزمان•• اعتراها النقص من أطرافها•• وبدأت مصابيح الأمة تنطفئ واحدا تلو الآخر•• حيث فقدنا عالما آخر وطالب علم فذ اجتمعت فيه صفات تفرقت في غيره ولا يعرف قدر أهل العلم إلا العلماء ومن هذا المنطلق يحدثنا شيخنا العالم عبدالعزيز السدحان - حفظه الله - عن علاقته بزميله وأخيه الشيخ عبدالسلام بن برجس العبدالكريم• الذي توفي في حادث أليم تعرض له وهو قادم من المنطقة الشرقية بعد أن ألقى محاضرة هناك• نسأل الله له المغفرة والرحمة وأن يجمعنا به في جنات النعيم••

* حدثونا عن الشيخ عبدالسلام - رحمه الله - وعن علاقتكم به؟ وماذا تعرفون عنه؟ ومتى كانت بداية معرفتكم به؟
- بالنسبة للأخ الكريم الشيخ عبدالسلام بن برجس العبدالكريم - رحمه الله تعالى - أستطيع أن أقول قبل الكلام عنه تجتمع فيه صفات تفرقت في غيره؛ فقد آتاه الله فصاحة في اللسان وآتاه الله جودة نظم في الشعر وآتاه الله - جل وعلا - حسن أسلوب في الكتابة والتأليف وهذه أعرفها عنه معرفة خاصة قرأت له وسمعته وجمعتنا مجالس كثيرة، عرفته قبل ثلاث وعشرين سنة، وكنا نحضر درس الشيخ ابن جبرين، وكان العدد قليلا جدا وكان أول ما رأيته نشيطا في الدرس يقوم في خدمة الشيخ عبدالله والحرص على ترتيب الدرس ولاحظت فيه همة عالية وحرصا على السؤال•
أول موقف
وكان أول ما قابلته سألني عن دليل الإقعاء بين السجدتين لما رآني أفعلها وأيضا سمعت من المشايخ كالشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - يثني على عبدالسلام من حيث النباهة والحفظ والخصال التي فيه اجتمعت وهي نادرة أن تجتمع في شخص واحد في هذه السن والعمر، وهي قوة الفصاحة والارتجال في خطب الجمعة والقلم السيال مع البلاغة في انتقاء الألفاظ والكلمات، زد على هذا أنه خدم كتبا كثيرة في أثناء مسيرته العلمية منها كتب محققة ومنها كتب من تأليفه - رحمه الله تعالى - والذي يقرأ كتبه ولا يعرفه يرى قوة سيل العبارة• يقول هذا رجل قد شاب في العلم وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء• تميزه بسلامة الصدر
* هل هناك سمة مميزة في الشيخ ـ رحمه الله ـ شدت انتباهكم له؟
نعم•• هناك خصلة في عبدالسلام أعرفها عنه ولمستها منه وهي (سلامة الصدر) والعفو: كان في المجالس يأتي ذكر أناس تكلموا فيه وقدحوا فيه فلا أسمع إلا الدعاء لهم والترحم عليهم ويقطع ذكر سيرتهم إلا بالجميل وهذه المواقف هي ذكر الله - جل وعلا – {ادفع بالتي هي أحسن} [فصلت: 34] وقوله جل وعلا: {وقولوا للناس حسنا} [البقرة: 83]• أذكر هذا الموقف أنه كانت لديه كتيبات ورسائل ليس فيها التوثيق العلمي المؤصل فكان والده يستشيرني ويستنصحني فيها عن الكتب والأوراق والبحوث وقلت له لست بحاجة لها وبخاصة أن غيرها يقوم مقامها• فأحرقها أمامي برا بوالديه وأنا لا أنساها شهادة لله سيسألني ربي - جل وعلا -• صفاته الجبلية
هذه الصفات الحميدة التي يتحلى بها الشيخ والأخ عبدالسلام غريزية أو جبلية، وزادت وقويت شوكتها لما سلك مسلك الجلوس عند أهل العلم• جديته في الطلب منذ صغره
والرجل من صغره وهو جاد في الطلب كنت أذكر وهو صغير أنه إذا حضر المجالس مع بعض المشايخ أنه هو الذي يقرأ في المجلس وأحد المشايخ يعلق من باب الفائدة وسمعت من طلابه في المعهد العالي للقضاء الذين لازموه أو درسوا عليه أنه مشهور بالعفو وأكدوا أن هذه الخصلة ما زالت باقية فيه قد قابلته - رحمه الله تعالى - قبل موته بأسبوعين تقريبا ببشاشته المعهودة وبتواضعه المعهود وبمحبته للخير•

* ما هي وصيتكم لأهله ووالديه وذويه؟
- أقول في وصيتي لوالديه بعد العزاء الشرعي: جبر الله مصابهما، عبدالسلام ذهب شخصه وبقي وصفه، ذهب بدنه وبقي علمه، وبقي صوته مسجلا وبقيت كتبه وبقيت سيرته محفوظة لا شك أن موت شاب في هذا العمر وبهذه الهمة يعتبر موت جماعة من الناس• وإن كان طلبة العلم يتمايزون في أشياء فهذا متميز في الشعر وهذا قصاص وهذا وعاظ وهذا خطيب، لكن الشيخ عبدالسلام جمع الله له بين المنبر خطابة والمحراب حفظا وتلاوة لكتاب الله، والشعر نظما والكتابة والتأليف وهذه الأربع خصال تتفرق في كثير من طلبة العلم، فإن اجتمعت فإنه يدل على نبوغ فطري وعلى همة وحرص نسأل الله جل وعلا أن يتغمده برحمته• جزالة في التأليف
* كيف كان أسلوب الشيخ في التأليف وما هي السمة العامة على مؤلفاته؟
- كانت تتسم بطابع الجزالة العلمية مع اكتمال المعنى• فليست كتبا إنشائية كما هو الغالب في سائر هذا العصر، وأنها تتسم بالتوثيق العلمي والرصانة والجزالة وهي كثيرة وموجودة ومشاهدة على قوة قلمه ونفسه العلمي وأيضا كان موضع ثقة عند كبار مشايخنا ويعرفونه كسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، وابن عثيمين رحمهما الله والجبرين وسماحة المفتي العام والشيخ صالح الفوزان• نشاطه خارج المملكة
وأيضا يجب أن تعرف أن له نشاطا خارج المملكة في الكويت وأعرف أن له مستمعين كثر يتابعون أشرطته ويقرؤون كتبه ويرددون اسمه على ألسنتهم من كثرة ما يبلغهم من محاضرات وندوات وكلمات ومشاركات في مؤتمرات وغيرها ناهيك عن اللقاءات التلفزيونية والإذاعية والصحفية• أعماله الشعرية
* وماذا عن أعماله الشعرية هل جمعت؟
- له منظومات شعرية وكما فهمت من كلامه لي أنها مجموعة عنده وأظن له كتاب مطبوع في ذلك• لكن الذي أؤكده أنه يكتب الشعر• مؤلفاته العلمية
* وماذا عن مؤلفاته؟
- هي كثيرة لا مجال لحصرها منها تحقيق للرسائل والمسائل النجدية وله سلسلة في رسائل أئمة الدعوة حقق منها مجموعة طيبة وله كتب مستقلة ألفها وطبعت منها كتاب عن الحاكم والمحكوم، وهو قد طبع مئات الألوف• وكتاب عن معتقد أهل السنة طبع وكما سمعت أنه سيقرر في بعض الدول الإسلامية في المعاهد وله تحقيقات لطيفة أخرجها في أول عمره، رسائل لأئمة الدعوة أخرجها قبل حوالي عشرين سنة وقبل أن يكون طالبا في الكلية وأيضا له انتقاءات شعرية بكتاب مطبوع جمع بعض القصائد اللطيفة، فكتبه إما تحقيقا أو تأليفا أو جمعا• وهي موجودة وأحسبها أنها ستجمع إن شاء الله وتخرج في مجموعة واحدة فضلا عن أن له كتبا أخبرني - رحمه الله - أنه لا يزال قيد تأليفها أعتقد منها كتاب في جمع مصنفات العقيدة عند أهل السنة والجماعة يجمع فيه مصنفات العقيدة ويعرف بالمؤلفين ومؤلفاتهم•
فقد العلماء سنة ماضية
* المراقب لأحوال الأئمة في هذه الحقبة من الزمن يلاحظ أنها فقدت كثيرا من علمائها• ما موقف الأمة من فقد هذه الأنوار التي يهتدي على أثرها المسلم ولا ندرك قيمتهم إلا بعد ذهابهم إلى الرفيق الأعلى؟
- هذه سنة ماضية فمات النبي صلى الله عليه وسلم ومات أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ومات أئمة الديانة ولا يزال الدين باقيا ولكن هي دهور تارة ينشط الخير وتارة يقل الخير وهذه من حكمة الله ولولا هذا الأمر وهو من قدر الله ما كان للخير ميزة• ولا يتميز على الشر• ولكن الحق والباطل في صراع فيدعم الخير أهله والشر يدعمه أهله وموت العلماء كارثة ومصيبة كما يقال• ذهاب العلم أشد من ذهاب الطعام والشراب لأن ذهاب الطعام والشراب فيه موت للأبدان وذهاب العلماء فيه موت القلوب وموت القلوب أعظم من موت الأبدان، كما أن حياة القلوب من حياة الأبدان، فموت هؤلاء من العلماء الكبار وطلبة العلم في الحقيقة أنها كارثة، فكما قال الذهبي: في السير: موت علماء ثلاثة في بلد واحد يظهر في البلد أثر النقص وهذه سنة ماضية• لكن مع هذا كله لا يقلق المرء باب الرجاء والأمل ولا يفتح على نفسه باب القنوط واليأس ولكن يزداد همة إذا شعر أن الأمر قد ضاق عليه• وربك - عز وجل - كما قال عن نفسه {سيجعل الله بعد عسر يسرا (7)} [الطلاق]•
زياراته للألباني
* بحكم علاقتكم القريبة مع الشيخ - رحمه الله - هل من مواقف تحب أن تعرضها على القراء فيها الفائدة؟
- فيه ميزة وهي أنه كان في صغره حريصا على الرحلة في طلب العلم، فأذكر أنه كان يذهب إلى الشيخ الألباني في الشام وهو صغير السن وكان من حرصه أني كنت اجتمع معه في رحلاته وكان يقول لي هل عندك أسئلة للشيخ الألباني أقولها له• ففي ذاك الوقت ممكن منذ قرابة خمس عشرة سنة أو أكثر الواحد ما كانت همته إلى طلب العلم إلا من قريب• فكانت همته تدفعه إلى أن يسافر ولقد أقام عند الشيخ ابن عثيمين فترة ليست بالطويلة لكن كان يتردد عليه باستمرار، وكان الشيخ محمد يعرفه ويحبه كما أخبرني بنفسه ومعجب به وأثنى عليه بحضوري وفي صغره، وأما الشيخ ابن جبرين فقد درس عليه في أول أمره ولازمه، بل كان يقوم بخدمة الشيخ والعناية بالدرس في صغره• وكنت ألمح فيه النجابة والهمة• ومن أبرز ما أعجبني فيه سلامة القلب مع أنه لا يخلو الأقران من كلام بعضهم في بعض وسوء الظن من بعض الناس، ولكن كان سليم الصدر وهذا دليل على الوازع الشرعي والفطري، ويقابل الإساءة بالإحسان ولا يجاري تسويل الشيطان على بعض الناس، بل كان يعفو• فتجده ينقل إليه كلام وأخبار وتلاقي سعة الصدر والخلق وطيبة القلب وهذا دليل إذا نفع الله بعلمه ما ازداد إلا محبة لله - جل وعلا - ومحبة للخير ومسارعة للعفو والمغفرة والصفح لأخيه، بل يتعدى ذلك إلى أن يدعو لمن خالفه وخاصمه ولمن طعن وتكلم فيه، وأقول هذا بصدق لقد تميز بها عن كثير ممن كان على شاكلته• ترك انتصاره لنفسه فلقد اتخذ مبدأ عدم القدح في القرين والانتصار للنفس، وأذكر مرة كان في مجلس فلمزه أحد المتكلمين، فشعرت أنه ثائر فاتصلت به فرد علي وقال ما سمعته وهو يضحك إن تكلم عفا الله عنه ، وأمثالكم الحمد لله• وكلمته "ما سمعته" هو سمعه ولكن عند العرب يقصد بها أنها لم تؤثر فيه ولم يحمل عليه ويشحن صدره• تميزه بالكرم والضيافة وأيضا تحلى بالكرم وتميز به فلا غرابة، فوالده كريم وأسرته كريمة وكنا نتردد على بيته مرارا• لأنه كان كثير الدعوات وحريصا على استضافة أهل العلم في بيته سواء كانوا من البلد أو من يأتون من الخارج ويحرص على أن يكون مجلسه علميا نقاشا ومساءلة واستفادة• فصفاته يحرص كثير من طلبة العلم أن يتحلوا بها فاجتمعت فيه وتفرقت في غيره• فكما قلت لقد حاز الفنون متنوعة وكلما تقدم به العمر زاد رسوخا فيه•
* شيخنا - رحمه الله - تنوعت فيه عدة خصال وفنون هل يرجع ذلك إلى تنوع المشايخ والعلماء الذين درس على أيديهم؟
- هما أمران شيء كسبي وشيء فطري، جبلة الشخص من رب العالمين• ولا شك أن الكسبي بالجلوس بين يدي العلماء والمشايخ والقراء في كتب أهل العلم هذه كونت عنده حصيلة علمية طيبة ومن قرأ كتبه ورأى كلامه وحسن سبكه للعبارات وحسن تربيته للمادة العلمية أضف إلى ذلك حسن انتقاء الفوائد العلمية• مع العناية بالتحقيق ورأيت بعض الناس في بعض الكتب والرسائل العلمية لكن لا يعنى• وعبدالسلام عني بأمر الحديث دراية ورواية فأنا أقول صفاته صفات نبوغ طالب العلم ويظهر فيها أثر العلم في تهذيب جوانب الشخصية وقلمه ولسانه وهذا شيء مشاهد • هل هناك من رؤى وصلتكم عن الشيخ عبد السلام؟ ـ أحد المشايخ الفضلاء رأى الشيخ ابن باز رحمه الله قد رفع عبد السلام على يديه، فأولت بأن الرجل ارتفع بالسنة وأنه يرجى له حسن الخاتمة وأن تكون عاقبته حميدة•

www.burjes.comnike shox mens australia women soccer players - White - DA8301 - 101 - Nike Air Force 1 '07 LX Women's Shoe | adidas

الأقسام الرئيسية: