الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ أما بعد:
فَقَدْ وردني سؤال مِنْ أخ مِنْ مصر يعمل فِي دولة الكويت، وحصل عَلَى الجرين كارد للعمل فِي أمريكا، فاستنصحني بالذهاب إلَى هناك فكان مني هَذَا الجواب:
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ أما بعد:
الذي أنصحك بِهِ أن تبقى فِي الكويت فَهِيَ بلاد إسلام، والإسلام فِيْهَا ظاهر، والأذان فِيْهَا مسموع عَلَى الدوام، والجمعة والجماعة قائمة، والبلد فِي أمنٍ وأمان والحمد لله.
فأنت فِي مصر أَوْ فِي الكويت بَيْنَ أهلك وإخوانك، ولا تعدم نصيحة مِنْ مُسْلِمٍ، أَوْ مساعدة مِنْ مُؤْمِن، أَوْ نصرة مِنْ ناصرٍ.
فأنت فِي وطنك وَبَيْنَ بني جلدتك سواء كنت فِي مصر أَوْ فِي الكويت أو نحوها..
أما أمريكا أَوْ كندا أَو استراليا أَوْ أوروبا أَوْ روسيا فإنها بلاد شِرْكٍ وكفر، وبلاد فجور وفساد وانحلال..
بلاد يندر فِيْهَا الطعام الحلال، والشراب الحلال..
بلاد تندر فِيْهَا المساجد والمدارس الإسلامية ..
بلاد يحيط بك أعداء الإسْلام مِنْ كُلّ جهة حَتَّى لَوْ كَانُوا مسالمين متسامحين..
وَقَدْ حذر النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- مِنَ السكنى فِي بلاد الْمُشْركِيْنَ..
قَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-: ((أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهرالمشركين لا تراءى نارهما)) رواه أبو داود والترمذي
وَقَالَ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-: ((مَنْ ساكن المشرك فَهُوَ مثله)).
ولقد ذهبتُ إلَى أمريكا مراراً لإمامة التراويح فِي بعض المراكز الإسلامية فوجدت أمر الْمُسْلِمِيْنَ عجباً..
تجد تطبع أكثرهم بطباع الْمُشْركِيْنَ.
تجدهم فِي لباسهم، وطريقة كلامهم، وصحبتهم وصداقتهم، وحركاتهم وأفعالهم أشبه بالمشركين.
تجد تَفَلُّتَ الأبناء والبنات مِنْ آبائهم وأمهاتهم ..
فَإِنَّ قانون تِلْكَ البلاد ينص عَلَى أنك لا تستطيع أن تضرب ولدك، وَإِذَا ضربته فَإِنَّهُ يُعَلَّمُ فِي المدارس هناك أن يتصل بالشرطة لتحبس أنت بسبب تأديبك لولدك.
وَكَذَلِكَ ينص قانونهم عَلَى أن الابن أوِ البنت إِذَا بلغوا سن الثامنة عشرة فلا سلطان لَكَ عليهما، فيستطيع أن يَأتِي الولد بعشيقته ليزني بها أمام عينيك ولا تستطيع أن تعمل شَيْئاً.
وتستطيع أن تأتي البنت بعشيقها إلَى البيت فيزني بها أمامك ولا تستطيع أن تعمل شَيْئاً لأَنَّ هَذَا عِنْدَهُمْ مِنَ الحرية الشخصية.
بل زوجتك وأم أولادك إِذَا حصل بينك وبينها نزاع واتصلت بالشرطة اقتادتك الشرطة إلَى السجن ليحاكموك!!
فقانونهم يقرر التفكك الأسري ويدعو إِلَيْهِ.
ولا تظن الأَمْر خيالاً، أَوْ مبالغاً فِيْهِ، فَهُوَ غيض مِنْ فيضٍ، وقليلٌ مِنْ كَثِيْر، وأعرف مِنْ الحالات والقصص الَّتِي رأيتها وسمعت عَنْهَا فِي أمريكا الشَّيْءَ الكثير.
ولا تغتر بوجود الأموال هناك، ولا بِمَا تتأمله منَ الحصول عَلَى الجنسية الأمريكية الَّتِي قَدْ تتأكل بها فِي الدُّنْيَا قليلاً ولكنَّ عاقبتها وخيمة، ولا تَجْعَلْ نفسك وأولادك عبرة لغيرك، بل اعتبر بمن سبقك، فحذارِ أن تُقْدِمَ عَلَى الذهاب هناك فإذا ذهبت ووجدت مَا حذرتك مِنْهُ عضضت أصابع الندم ولات حين مندم..
ووالله إِنِّي رأيت كثيراً مِنَ الشباب –بل مِنْ أصلح الشباب الَّذِين رأيتهم هناك- كَانُوا مغترين بأمريكا ويدافعون عَنْهَا وعما فِيْهَا منَ الحرية، فإذا بِهِمْ بَعْدَ فترة يُرَحِّلُون أولادهم ونساءهم إلَى بلادهم الأصلية كالأردن ومصر ليحافظوا عَلَى دين زوجاتهم وأولادهم!!
ولا تثق بنفسك أنك ستحافظ عَلَى أولادك، وتؤدبهم بِمَا يحميهم مِنْ مِثْل مَا ذكرت لَكَ فَهَذَا مِنْ وسواس الشيطان..
فإذا وصلت هناك لا سلطان لَكَ عَلَى أسرتك، والإنترنت المفتوح، والتلفاز الَّذِي يعرض الفاحشة علناً، والشارع المتفسخ، والمدرسة الحكومية، بل حَتَّى فِي المساجد تجد مَا يُغَيِّرُ عَلَيْكَ أسرتك وأولادك..
فإذا كَانَ الإنسان مختاراً فِي الذهاب وعدمه فلا تذهب فَإِنَّهُ شَرٌّ عَلَيْكَ وَعَلَى أسرتك..
أما مَنْ كَانَ مِنْ أَهْل تِلْكَ البلاد، أَوْ لَمْ يستطع مغادرتها أَوْ ذهب إليها لضرورة فَهَذَا مضطر ويحاول أن يحمي نَفْسَهُ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ.
ونحن نرى دواماً مَنْ يهاجر مِنْ تِلْكَ البلاد الكافرة إلَى بلاد الإسْلام رغم مَا يوجد فِي كَثِيْر مِنْهَا مِنْ مخالفات شرعية وظلم فتبقى بلاد إسلام ، وإخوانك الْمُسْلِمُونَ يحيطون بك مِنْ كُلّ جانب.
فَهَذِهِ نصيحتي لَكَ، وَهِيَ نصيحة مطلع وعارف بالوضع، ونصيحة أرجو لَكَ بها النجاة يَوْم الدين، ونصيحة يأخذ بها مَن قدَّم الآخرة عَلَى الدُّنْيَا، وَجَعَلَ الآخرة هَمَّه.
أسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك، وأن يوسع عَلَيْكَ فِي رزقك، وأن يبارك لَكَ فِي أهلك ومالك وولدك ووقتك ونفسك.
كتَبَهُ: أبو عمر أسامةُ العُتَيْبِي
(مقال من موقع الشيخ على الشبكة www.otiby.net)