أنّ هذا الجيلَ هذا الجيلَ بشيوخه ودُعاته ليس بجيل النصر المنشود!، ولا بجيلٍ تقوم به الشريعة؛ إذ لم يقم هو بها.. لا شيوخُه قاموا بها، ولا دُعاته قاموا بها، وبالأولى لا يكون طلابه ممن أتى بها.
فهذا الجيل ليس بجيل النصر المنشود، إنّ لله في هذه الأمّة سننًا، وهي نافذة وفاعلة بأمر الله وقدره، وسنن الله لا تحابي، سنن الله -رب العالمين- فاعلة على مقتضى حكمته، وعلمه، ومشيئته، وإرادته، ولا يُحابي ربك أحدًا، ولا يظلم ربك أحدًا.
ومَن تأمل في درجة انصياعهم للأحكام، وطريقة فهمهم لها عَلِمَ يقينًا أنهم يقودون المسلمين إلى الفوضى من حيث يريدون أو لا يريدون.
ومَن تأمل في غفلتهم عما يُراد للأمة مما هو معلنٌ ظاهر وما هو باطن لا يخفى عَلِمَ أنهم يسوقون المجتمع المصري إلى الفوضى.
إن الذي يُراد له أن يحدث في مصر هو (الفوضى الخَلّاقَة)، والمرادُ بها: تفكيك المجتمع المصري، ثم إعادة تركيبه على الأجندة الغربية في: العقيدة، والفكر، والحياة، والأخلاق، والسلوك؛ لإزالة هوية المجتمع الإسلامية العربية، وإحلالُ ضدها محلها.
هذا ما يُراد لمصر، وهذا ما يُراد لكل بلد عربي إسلامي ممن اندلعت في أرجائه شرارةُ الثورة الماسونية يحرِّكها الماسون عن طريق عملائهم في الداخل والخارج، وممن خربت ذممهم، وماتت ضمائرهم، وانتفى انتماؤهم إلى دينهم، وعقيدتهم، وإلى وطنهم وترابهم؛ فصاروا كالدمى! كالعرائس في مسرح العرائس! يحرِّكها بخيوطها من وراء ستار شيطانٌ رجيم.
وأما هؤلاء يحسبون أنهم يُحسنون صنعًا!!
((إنّ جيل النصر الذي يقيم الشريعة لابد أن يحقق أسبابَ التميكن ويحصِّلَ مقوماته))
=======================================
الذي يتأمل في كتاب ربه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه يجد أن سبب التمكين في الأرض، إنما هو تحقيق التوحيد وإخلاص العبادة لله -جل وعلا- من شَوْبِ الشرك والابتداع والمحدثات من الأمور.
إنما يكون ذلك بتوحيد المتابعة للمعصوم، فلابد من توحيد القصد والإرادة، ولابد من توحيد المتابعة، ومَن لم يأتِ بهذا فلا تمكين في الأرض.
الإسلام مبني على أصلين: ألا نعبدَ إلا اللهَ -رب العالمين- وحده، وألا نعبده -تعالى- إلا بما شرع، لا نعبده بالأهواء والبدع ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ المُتَّقِينَ﴾ [الجاثية: 18-19]، وقال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ ﴾ [الشورى: 21].
فليس لأحدٍ أن يعبدَ الله إلابما شرعه الله عن طريق رسول الله-صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-من واجبٍ ومُستحَب، لا نعبده -تعالى- بالأمور المبتدَعة، قال ربنا -جل وعلا-: ﴿إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 110]
إِلَهُكُمْ الذي أدعوكم إلى عبادته إِلَهٌ وَاحِدٌ لا شريك له، فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ، أي ثوابَه وجزاءه الصالح، فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا، وهو ما كان موافِقًا للشرع، وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا، وهو الذي يُراد به وجهُ الله -رب العالمين- وحده لا شريك له.
وهذان ركنا العمل المُتَقَبَّل، لابد أن يكون خالصا لله، صوابًا على شريعة رسول الله -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-.
متى ما حققتِ الأمة ركنيّ العمل المُتَقَبَّل، وأتت بأصليه مكّن الله -جل وعلا- لها، ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ﴾ [النور: 55]
قال العلامة السَّعْدِيّ -رحمه الله-: «هذا من وعوده الصادقة، التي شُوهد تأويلها وعُرف مَخْبَرُها، فإنه وَعد مَن قام بالإيمان والعمل الصالح من هذه الأمة، أنْ يستخلفهم في الأرض، يكونون هم الخلفاء في الأرض، ويكونون المتصرفين في تدبيرها، وأنه يمكِّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وهو دين الإسلام، الذي فاق الأديان كلها، ارتضاه لهذه الأمة، لفضلها وشرفها ونعمته عليها، بأن يتمكنوا من إقامته، وإقامة شرائعه الظاهرة والباطنة، في أنفسهم وفي غيرهم، لكون غيرهم من أهل الأديان وسائر الكفار مغلوبين ذليلين، وأنه يبدِّلهم من بعد خوفهم الذي كان الواحد منهم لا يتمكن من إظهار دينه، وما هو عليه إلا بأذى كثير من الكفار، وكون جماعة المسلمين قليلين جدًا بالنسبة إلى غيرهم، وقد رماهم أهل الأرض عن قوس واحدة، وبغَوْا لهم الغَوائل.
فوعدهم الله هذه الأمور وقت نزول الآية، وهي لم تشاهِد الاستخلاف في الأرض، والتمكين فيها، والتمكينَ من إقامة الدين الإسلامي، والأمنَ التام، بحيث يعبدون الله ولا يُشركون به شيئًا، ولا يخافون إلا الله.
فقام صدرُ هذه الأمة، من الإيمان والعمل الصالح بما يفوقون على غيرهم، فمكَّنهم من البلاد والعباد، وفُتحت مشارقُ الأرض ومغاربها، وحصل الأمن التام والتمكين التام».
حتى وقف واقفهم من مجاهديهم على فرسه على شاطئ البحر المحيط يخاطبُ أمواجه ويناجي ما هنالك من مياهه، ويقول: أما والله لو أعلم أن وراءك أيها البحرُ قومًا لا يعبدون الله لخضتكَ على متن فرسي هذا، ولأقاتلنهم في سبيل الله حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وحتى يعبدوا الله وحده لا شريك له.
«هذا من آيات الله العجيبة الباهرة، ولا يزال الأمر إلى قيام الساعة مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح؛ فلابد أن يُوجد ما وعدهم الله».
وهؤلاء الذين يقومون من أهل الإيمان والعمل الصالح إذا كان الذي يتوسلون به من العمل الطالح! ومما لا يحبه الله ولا يرضاه كما جاء (عليُّ بن حاج) في بِزِّةٍ عسكرية -وهو مدنيّ- ولكن هكذا تكون الأمور، وأتى ببعض أشياعه يريد أن يذهب إلى العراق؛ ليجاهد -بزعمه- في سبيل الله، وليدفع الحملة الصليبية عن العراق وأهله، فنزل الأردن، فلقي الشيخَ ناصرًا -رحمه الله- فلما استفسر منه عن حاله وأين يريد؟ وأخبره الرجل أن عندهم من مئات الألوف مَن يبذل نفسه لإقامة دين الله، فسأله: أكلُّهم على المعتقد الصحيح؟! وحدَّد سؤالاً لم يَرِم عنه، فأراد الرجل أن يروغ، فحاصره بالسؤال، فقال: لا !!
قال: إذًا لا يُنصرون!!
مَن الذي يُنصر؟!
صاحبُ الإيمان، صاحب العقيدة الصحيحة، وصاحب العمل الصالح .. الاشتراكيون الثوريون معتقدهم إحداث الفوضى في البلاد، وألا يكون للبلاد حاكمٌ، وهؤلاء ممن يضمهم القوم اليوم ويجعلونهم تحت عباءتهم!!
والذين ذهبوا إلى المراكز الأمريكية وغيرها، وارتحلوا إلى صربيا؛ ليتعلموا إشاعةَ الفوضى في البلاد المسلمة، وليكونوا الطليعةَ المجرمة في تفكيك المجتمعات المسلمة، هؤلاء هم الذين يخوضون المسيرة اليوم، لأي شيء ولأي سبب؟!!
لابد أن تُغلف المسألة.. من أجل المساكين، من المسلمين الذين لا يعلمون، من أجل إقامة شرع الله!! مَن الذي يُقيم شرع الله؟!
مَن أقام الشرع على نفسه كأصحاب محمد -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، رُبُّوا على التوحيد، احترقت بداياتهم، فأنارت نهاياتهم، وكانوا بين البداية والنهاية مُستقيمين، موحِّدين، مُتسنين، وكذا كان مَن بعدهم ممن تبعهم بإحسانٍ، والوعدُ قائم إلى يوم الدين للذين آمنوا وعملوا الصالحات.
«لا يزال الأمر إلى قيام الساعة، مهما قاموا بالإيمان والعلم الصالح فلابد أن يُوجد ما وعدهم الله، وإنما يُسلَّط عليهم الكفار والمنافقون ويُدال عليهم في بعض الأحيان؛ بسبب إخلال المسلمين بالإيمان والعمل الصالح». اهـ
{وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ} -التمكين والسَّلْطَنَة التامة لكم يا معشرَ المسلمين- {فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} الذين خرجوا عن طاعة الله وفسقوا؛ فلم يُصلِحوا الصالح، ولم يكن فيهم أهلية للخير؛ لأن الذي يترك الإيمان في حال عِزه وقهره وعدم وجود الأسباب المانعة منه يدل على فساد نيته وخبث طَويته؛ لأنه لا داعي له لترك الدين إلا ذلك، إلا خبث النية وسوء الطَّوِية!!
تأمل كيف مكَّن الله -رب العالمين- للنبيين ممن أعلى الله -رب العالمين- شأنهم ورفع ذكرهم دنيا وآخرة، ﴿وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ اليَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ * وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ * وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ [يوسف: 54-57]
هذا التمكين الذي مكّنه الله -رب العالمين- ليوسف كان لتحقيق التوحيد والعبودية لله -رب العالمين- وحده، حيث قال -تعالى ذِكره- على لسان يوسف -عليه السلام-: ﴿إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ * يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 37-40]
دعوةٌ للتوحيد وإخلاص العبودية لله مع العمل الصالح يُمكِّن الله -رب العالمين- في الأرض.
ما تخرجَ جماعة -أنْ يخرجَ قومٌ- ليس لهم معتقد صحيح، ومَن كان منهم منتسبًا إلى السلف والسنة، فهو على طريقة الخوارج ومذهبهم، فهم كلاب النار، قتلاهم شر قتلى تحت أديم السماء، وخيرُ قتيلٍ مَن قتلوه، يقول رسول الله: «لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ»!!
«وقضى ربُّكَ -وفي الحديث مقالٌ- أنه لا يطلع منهم قرن إلا قُطع.»
هذا موسى -عليه السلام- قال له ربه: ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: 13-14].
وقال -تعالى- على إرادة تمكينه وقومِه ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ [القصص: 5-6].
ثم بيَّن موسى لقومه سببَ التمكين، فقال: ﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ * قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 128-129].
إلى أنْ قال -تعالى-: ﴿وَأَوْرَثْنَا القَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ﴾ [الأعراف: 137]
بِمَا صَبَرُوا: على تحقيق التوحيد، بالصبر على البلاء، والتمسك بالعروة الوثقى، كما قال القرطبي في تفسيره: «بصبرهم على أذى فرعون وعلى أمر الله بعد إذ آمنوا بموسى -عليه السلام-». اهـ
والنبي-صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- كما في الحديث الذي رواه أحمدٌ، والبيهقي في السنن، وقال الهيتمي في المجمع: رجاله ثقات -وهو كما قال- من حديث رَبِيعَةَ بن عَبَّاد، قال: قال رسولُ الله -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ تُفْلِحُوا».
فما رأيتُ أحدًا يقول شيئًا..
لا يسكت، يقول: أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ تُفْلِحُوا.
فما رأيتُ أحدًا يقول شيئًا..
لا يسكت!! ويدعو إلى التوحيد، إلى توحيد الله -رب العالمين.
سَلُوهُم: مَن منهم يعرف معنى لا إله إلا الله؟!!
مَن منهم يعرف شروطها؟!!
مَن منهم يعرف مقتضاها -حتى يعمل بمعناها-؟!!
مَن منهم لا يأتي بناقض من نواقضها؟!!
سَلُوهُم: عن عقيدتهم في الأسماء والصفات؟!!
سَلُوهُم: عن عقيدتهم في القضاء والقدر؟
سَلُوهُم: عن عقيدتهم في القرآن؟!!
سَلُوهُم: عن عقيدتهم في أصحاب رسول الله، وأمهات المؤمنين؟!!
سَلُوهُم إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ!! ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ﴾ [الأنبياء: 105-106]
(يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) الذين قاموا بالمأمورات، واجتبنوا المنهيات؛ فهم الذين يُورِثهم الله الجنات، كقول أهل الجنة: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ﴾ [الزمر: 74]
وقد يكون المراد الاستخلافَ في الأرض، وأن الصالحين يُمَكِّنُ الله لهم في الأرض، ويُوَلِّيهم عليها، كقوله -تعالى-: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ﴾ [النور: 55].
إذن لا يتحقق التمكينُ في الأرض، والاستخلافُ فيها، وتحصيلُ الأمن من بعد الخوف إلا بالإيمان والعمل الصالح، واللهُ -جل وعلا- جعل ذلك من السنن الكونية، كما أنه من السنن الشرعية؛ فهو قضاء شرعي كوني، مَن أتى بالإيمان والعمل الصالح استخلفه الله في الأرض، ومكَّن له فيها، وأبدله من بعد الخوف أمنًا يعبد الله وحده لا يُشرك به شيئًا.
وفي حديث العِرباض -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ». رواه أحمد، وغيره بسندٍ صحيحٍ.
إذن بيّن لنا رسول الله -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أن ما ينبغي علينا عند الاختلاف أن نتمسك بسنته، وسنته هي في هذا الموضع وأشباهه: طريقته، ودينه، وهديه، وما جاء به.
ليست السنة هاهنا بالمعنى الاصطلاحي الحادث، وإنما هي السنة في لسان رسول الله : دِينُه من عقيدة، وعبادة، ومعاملة، وأخلاق، وسلوك، مَن تمسك بذلك، وعَضَّ عليه بالنواجذ، وقاه الله -رب العالمين- من الاختلاف وشره.
وإذا تمسكت الأمة به جمع الله -رب العالمين- شملَها، وأعلى كعبها، وأنار دربها، ووضح سبيلها، استقامت خُطَاها على الصراط المستقيم.
هذا الذي مَرَّ كلُّه إنما هو من المقدمة الثانية؛ ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾، يعني: أمرَ رسول الله-صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وسبيله، ومنهاجه، وطريقته، وسنته، وشريعته، ﴿أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ﴾، في قلوبهم بكفرٍ، أو نفاقٍ، أو بدعة، ﴿أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، في الدنيا بقتلٍ، أو حَدٍّ، حَبْسٍ، أو نحو ذلك.
ما عند الله -جل وعلا- لا يُنال إلا بطاعته، فإذا أردنا ذلك فعلينا بالأخذ بذلك.
وعليه، هذا الجيل -لأنه لم يتربَّ على هذا الأصل الأصيل- لا يُمْكِنُ أن يكون جيلَ النصر المنشود، هذا وَهْمُ واهِم أو خداعُ خادِع مخادِع.
والذين يُقِيم الله -رب العالمين- بهم الشريعة، ويُعلي بهم منار الملة، هم مَن انغمسوا في هذه الشريعة ظاهرًا وباطنًا، وأقاموها على أنفسهم أولاً وآخرًا، وهم الذين تحققوا بهذه الملة ظاهرًا وباطنًا: اعتقادًا، وعملاً، ودعوةً، وسلوكًا، ومنهاجًا.
وعلينا ألا نغامر كالصبية تجرفهم الأمواج حتى إذا وقعوا في عين اللُّجَّة وثَغَرَ لهم البحرُ بالموتِ بقبره المائيّ نادَوا -وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ- بالنجاة.. ولا نجاة!
علينا أن نتوقى الفتن، وأن نخشى الفوضى أن تقع في هذه الأمة بأيدينا نحن..
وكان العدو -قديمًا- إذا أتى بحدِّه وحديده، وقَضِّه وقَضِيضِه، وأتى بسلاحه وعَتادِه، وجُنده وأجناده، توحدتِ الأمة في وجهه، فصار يجنِّد من أبناء الأمة مَن يكون عدوًا لها في دينها وعقيدتها، في شرفها وعزتها؛ لينخر في عظامها حتى تتهاوى أركانها، وإلى الله المشتكى، وهو المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
إنّ النظام الإسلامي يقوم على هذه القاعدة، وهي: «وجودُ كبيرٍ يُطاع في غير معصية»، وقد أرادوا هدمها، وبلغوا من ذلك المبالغ! وحطَّموا الرموز حتى اجترأ الصغار، واشرئبت أعناقٌ هي من الذلة بالمكان السحيق، ووهِم أقوامٌ أن الناس كلهم سواسية كأسنان المُشْط -لا من حيث التكليفُ، ولا من حيث الحقوق والواجبات، ولا من حيث الخِلقةُ في أصلها- من حيث لا يفخر أحدٌ على أحد، وحتى لا يرتفع أحدٌ على أحد، فحسبوا أن ذلك في كل شيء!!
فلم يَصِر لكبيرٍ من الاحترام شيء، ولم يصر لعزيزٍ من العزة شيء، وخرج الأذلاءُ والحقراءُ والمَفْلُوكُون الصَّعَالِيك.. خرجوا ليعتدوا على الحُرمات، وليتطالوا على القمم التي مايزَ الله -رب العالمين- بها الناسَ بعضهم على بعض؛ فلم يجعلهم ربك سواء!! رفع بعضهم على بعض درجات، وجعل الله -رب العالمين- لهذه الرفعة أسبابًا..
لم يسوِّ بين العالِم والجاهل، ولا بين الشجاع والجبان، ولا بين المنفِق الجَواد والمُمسِك البخيل.
لم يجعل صاحبَ القيمة تتألق في قلبه حفاظًا وحظوا وعفافًا وشرفًا كالمُسِف الذليل الذي يتقمم في كل زبالات الأقوام لا يبالي!!
إنما مايزَ الله -رب العالمين- الناسَ بعضهم من بعض ..
لا يَصلحُ الناس فوضى لا سَرَاةَ لهم ... ولا صلاح إذا جهلاؤهم سادوا
مايزَ الله -رب العالمين- الخلقَ، فأتى هؤلاء ليدوسوا بالأقدام النجسة والأحذية النجسة قممًا ترتفع بالحق، لا وقار لرجل من أهل العلم، ولا حفاظ لأحدٍ من أهل الفضل والبذل، ولا حَسَب ولا نسب، ولا شرف، ولا عفة، ولا قيمة، وصارت الرؤوس سواء، كيف يصلح مجتمع بهذه الصورة؟!!
هذا ما أرادوه، أن يهدموا الأصل الذي يقوم عليه النظام الإسلامي في كل مكان.
في مؤسسة الأسرة: لابد من كبير يُطاع في غير معصية، فإذا هُدم هذا الأصل في الأسرة تفككت وتفسخت وصارت إلى العهر والعار واستجلبت الفقرَ والشَّنَار.
في مؤسسة الدراسة: في فصولها ومجالسها، في المدارس والمعاهد والجامعات إذا لم يكن هنالك كبير يطاع في غير معصية انهارت المؤسسة التعليمية.
وكذلك الشأن في كل أمر من الأمور، إلى رأس الدولة الذي قال فيه رسول الله: «مَن أهان سلطانَ الله في الأرض أهانه الله». والحديثُ ثابتٌ عن الرسول-صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-.
أسأل الله جلت قدرته وتقدست أسماؤه إذا أراد بالناس فتنةً أن يقبضنا إليه غير فاتنين ولا مفتونين، وأن يجعلنا جميعًا من أهل التوحيد والاتباع، وأن يثبتنا على ذلك حتى نلقى وجه ربنا الكريم غير خزايا و لا محزونين ولا مُغيِّرين ولا مُبدِّلين وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.
Oakley MOD5 MIPS SNOW HELMET – ADULT - SneakersbeShops | cool white nike sneakers for women black - Off - White x Air Jordan 1 NRG UNC The Ten — Kick Engagement