|
جاء ذلك في بيان اصدره سماحته امس اثر ما صدر عن وزارة الداخلية اول من امس حول كشف وضبط خلايا متفرقة من الفئة الضالة فيما يلي نصه..
من عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ الى عموم اخوانه المسلمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد فإن الله عز وجل قد امتن على عباده بمنن عظيمة والاء جسيمة واعظم نعم الله عز وجل على المسلمين ان هداهم لدين الاسلام وبعث فيهم نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام يقول الله عز وجل (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ظلال مبين).
وانعم الله علينا بان اخرجنا من ضلال الجاهلية وظلامها الى نور الاسلام وعدله فان الجاهلية كانوا يعيشون في ضلالات جاء الاسلام بكشفها وبيانها فمن امور الجاهلية التي نبه عليها الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في مسائل الجاهلية قال..
الثانية.. انهم متفرقون في دينهم كما قال تعالى: (كل حزب بما لديهم فرحون) وكذلك في دنياهم ويرون ذلك هو الصواب فاتى بالاجتماع في الدين بقوله: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي اوحينا اليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) وقال تعالى (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء)/ ونهانا عن مشابهتهم بقوله: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيانات) ونهانا عن التفرق في الدين بقوله: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا).
الثالثة.. ان مخالفة ولي الامر وعدم الانقياد له فضيلة والسمع والطاعة ذل ومهانة فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وامر بالصبر على جور الولاة وامر بالسمع والطاعة لهم والنصيحة وغلظ في ذلك وابدى واعاد.
هذا وان البيان الصادر يوم الجمعة1428/4/10ه عن وزارة الداخلية حول تمكن قوات الامن من القبض على خلايا افسادية ارتكبت امورا عظيمة هى من كبائر الذنوب ومن ضلالات المبتدعة التي شابهوا فيها اهل الجاهلية وايضا اعدوا العدة وعزموا على امور اخرى هي من كبائر الذنوب عياذا بالله من الضلال بعد الهدى واني ابراء للذمة وخروجا من العهدة وبيانا للحق ونصيحة لله وكتابه ورسوله وائمة المسلمين وعامتهم لاوضح هنا عدة امور..
الامر الاول.. ان ما قام به هؤلاء من مبايعة زعيم لهم على السمع والطاعة واعداد العدة والاستعداد البدني والمالي والتسليح هذا كله خروج على ولي الامر وهو مطابق لفعل الخوارج الاوائل الذين نبغوا في عهد الصحابة رضي الله عنهم فقاتلهم الصحابة رضي الله عنهم وامروا بقتالهم امتثالا لامر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال عنهم: (يخرج قوم في آخر الزمان احداث الاسنان سفهاء الاحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز ايمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فاينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم اجرا لمن قتلهم يوم القيامة) اخرجه الشيخان.
وفي بعض الروايات يقول صلى الله عليه وسلم.. (هم شر الخلق والخليقة) قال الامام محمد بن الحسين الاجرى رحمه الله.. "لم يختلف العلماء قديما وحديثا ان الخوارج قوم سوء عصاة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم وان صلوا وصاموا واجتهدوا في العبادة فليس ذلك بنافع لهم وان اظهروا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وليس ذلك بنافع لهم لانهم قوم يتاولون القرآن على ما يهوون ويموهون على المسلمين وقد حذرنا الله عز وجل منهم وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم وحذرنا منهم الخلفاء الراشدون بعده وحذرنا منهم الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم باحسان رحمة الله تعالى عليهم.
والخوارج هم الشراة الانجاس الارجاس ومن كان على مذهبهم من سائر الخوارج يتوارثون هذا المذهب قديما وحديثا ويخرجون على الائمة والامراء ويستحلون قتل المسلمين) انتهى كلامه رحمه الله من كتابه - الشريعة -.
ومنه يتضح خطورة هذا المذهب وتحريم الانتساب اليه بل وجوب قتال اهله لما يترتب عليه من مفاسد دينية ودنيوية واختلال للامن وضياع لبلاد الاسلام وادخال الوهن على المسلمين وتسليط الاعداء عليهم.
ومنه يعلم ان من خرج على امام المسلمين واستحل قتل المسلمين فانه خارجي وان صلى وصام وادعى ما ادعى.
ثانيا.. من المعلوم في دين الاسلام ان اتخاذ الامام واجب على اهل الاسلام يقول الله تعالى (يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولى الامر منكم).
والاحاديث الدالة على ذلك كثيرة منها ما اخرجه الشيخان عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال.. (انما الامام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به فإن امر بتقوى الله عز وجل وعدل كان له بذلك اجر وان يامر بغيره كان عليه منه).
وعلى هذا جرى اجماع الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من سائر المسلمين.
ثالثا.. ان امامة المسلمين تنعقد بامور منها ان يبايع اهل الحل والعقد الامام فاذا بايعوه صحت امامته ووجبت على سائر المسلمين طاعته ولزمتهم بيعته.
يقول عبادة بن الصامت رضي الله عنه دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه فقال فيما اخذ علينا.. (إن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا واثرة علينا والا ننازع الامر اهله إلا ان تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان) اخرجه الشيخان.
وفي حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم وعظهم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا.. يا رسول الله كانها موعظة مودع فاوصنا قال.. (اوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وان تامر عليكم عبد وانه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الامور فإن كل بدعة ضلالة) اخرجه الترمذى وقال حديث حسن صحيح.
وفي حديث انس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال.. (اسمعوا واطيعوا وان استعمل حبشي كان راسه زبيبة) اخرجه البخاري ومسلم.
يقول ابن رجب رحمه الله واما السمع والطاعة لولاة امر المسلمين ففيها سعادة الدنيا وبها تنتظم مصالح العباد في معايشهم وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم كما قال علي رضي الله عنه.. "ان الناس لا يصلحهم إلا امام بر او فاجر إن كان فاجرا عبد المؤمن فيه ربه وحمل الفاجر فيها الى اجله)/.
وقال الحسن في الامراء.. (هم يلون من امورنا خمسا الجمعة والجماعة والعيد والثغور والحدود والله ما يستقيم الدين إلا بهم وان جاروا وظلموا والله لما يصلح الله بهم اكثر مما يفسدون مع ان والله إن طاعتهم لغيظ وإن فرقتهم لكفر) انتهى كلام ابن رجب رحمه الله.
هذا واننا بحمد الله تعالى نعيش في هذه البلاد السعودية المباركة في ظل ولاية عادلة قد انعقدت لها البيعة وصحت امامة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على هذه البلاد واهلها ولزم الجميع السمع والطاعة بالمعروف والبيعة ثابتة في عنق اهل البلاد السعودية كافة لاجماع اهل الحل والعقد على امامته.
رابعا.. ان من الكبائر العظيمة والآثار الجسيمة نقض البيعة ومبايعة آخر مع وجود الامام وانعقاد البيعة له وهذا خروج عن جماعة المسلمين وهو محرم ومن كبائر الذنوب يقول ابو هريرة رضي الله عنه.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية) اخرجه مسلم.
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال.. (من كره من اميره شيئا فليصبر فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية) اخرجه البخاري ومسلم.
وفي حديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. (من مات وليست عليه طاعة مات ميتة جاهلية فان خلعها من بعد عقدها في عنقه لقي الله تبارك وتعالى وليست له حجة) اخرجه الامام احمد.
ولمسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال.. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية).
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من اتاكم وامركم جميع على رجل واحد يريد ان يشق عصاكم او يفرق جماعتكم فاقتلوه كائنا من كان) اجره مسلم.
واحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى كثيرة.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لسويد بن غفلة: (لعلك ان تخلف بعدي فاطع الامام وان كان عبدا حبشيا وان ضربك فاصبر وان حرمك فاصبر وان دعاك الى امر منقصة في دنياك فقل سمعا وطاعة دمي دون ديني) اخرجه مسلم.
وعلى هذا سار السلف رضي الله عنهم كلهم يوجب السمع والطاعة لامام المسلمين ويحرم الخروج عن جماعة المسلمين.
خامسا.. مما ظهر في البيان استعداد هؤلاء بالسلاح وتخطيطهم للخروج على المسلمين بذلك السلاح ومعلوم ان حمل السلاح على اهل الاسلام من كبائر الذنوب يقول النبي صلى الله عليه وسلم.. (من حمل علينا السلاح فليس منا) اخرجه الشيخان.
والخروج على المسلمين وقتالهم وسفك دمائهم داخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم (ومن خرج على امتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه) اخرجه مسلم.
سادسا.. ومما ظهر في البيان تخطيطهم لقتل شخصيات عامة في البلاد وهذا من قتل المسلم بغير حق والله تعالى يقول: (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذاباً عظيماً).
سابعا.. ومما ظهر ايضا تخطيطهم لاحداث فوضى في البلاد وتدمير الممتلكات وهذا من الافساد في الارض الذي قال الله عنه: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فساداً ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم).
ثامنا.. ومما ظهر ايضا من البيان ان هذه الفئة تكفر المسلمين وتستحل دماءهم وهذه من اخطر جرائمهم واشدها وطئا ذلك ان تكفير المسلم ورد فيه وعيد شديد يقول صلى الله عليه وسلم: (إذا قال الرجل لاخيه.. يا كافر فقد باء بها احدهما فإن كان كما قال والا رجعت عليه) اخرجه الشيخان.
ويقول صلى الله عليه وسلم: (من رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله).
تاسعا.. التواطؤ مع الجهات الخارجية ضد بلاد الاسلام وهذه مثلبة عظمى ومنقصة كبرى إذ فيها ادخال الوهن على بلاد الاسلام واهل الاسلام وهذا كصنيع المنافقين مع اليهود ضد النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه في المدينة وكذلك تواطؤهم مع المشركين ضد اهل الاسلام ومن كان في قلبه ايمان صحيح فلا يمكن ان يتعاون على اهل الاسلام وبلاد الاسلام.
وبعد هذا التقرير والبيان اوجه النصيحة الى من تاثر بهذا الفكر الدخيل الخبيث فاقول لهم اتقوا الله في انفسكم وفي امتكم وفي بلاد المسلمين اتقوا الله فلا تقحموا انفسكم في انواع من كبائر الذنوب واتقوا الله فلا تفتحوا على بلاد الاسلام واهل الاسلام ابوابا من الشر تسلط الاعداء المتربصين علينا وتمكنهم من بلادنا.
وانصح الجميع بالحرص على امن البلاد والجد في هذا الامر والتعاون مع الجهات المختصة في الابلاغ عن كل ما من شانه زعزعة الامن فان هذا من اوجب الواجبات يقول الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله ان الله شديد العقاب).
حفظ الله بلادنا وسائر بلاد المسلمين من كل سوء ومكروه ووقانا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن انه سبحانه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المفتي العام للمملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء
وإدارة البحوث العلمية والافتاء
-نشر بجريدة الرياض