فتاوي هامة في حكم الاختلاط بين الرجال والنساء
سئل الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ رحمه الله : هل يجوز اختلاط الرجال بالنساء اذا أمنت الفتنة؟ .
فأجاب : اختلاط الرجال بالنساء له ( ثلاث حالات ) :
الاولي : اختلاط الرجال بمحارمهن من الرجال ، وهذا لا اشكال في جوازه .
الثانية : اختلاط النساء بالاجانب لغرض الفساد ، وهذا لا اشكال في تحريمه .
الثالثة : اختلاط النساء بالاجانب في : دور العلم ، والحوانيت والمكاتب والمستشفيات ، والحفلات ، ونحو ذلك ، فهذا في الحقيقة قد يظن السائل في باديء الأمر أنه لا يؤدي الي افتتنان كل واحد من النوعين بالآخر . ولكشف حقيقة هذا القسم فإنا نجيب عنه من طريق : مجمل ومفصل .
أما ( المجمل ) فهو أن الله تعالي جبل الرجال علي القوة والميل إلي النساء ، وجبل النساء علي الميل الي الرجال مع وجود ضعف ولين ، فإذا حصل الاختلاط نشأ عنه آثار تؤدي الي حصول الغرض السيء ، لأن النفوس أمارة بالسوء ، والهوي يعمي ويصم ، والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر .
وأمأ ( المفصل ) فالشريعة مبنية علي المقاصد ووسائلها ، ووسائل المقصود الموصلة اليه لها حكمه ، فالنساء مواضع قضاء وطر الرجال ، وقد سد الشارع الأبواب المفضية الي تعلق كل فرد من أفراد النوعين بالاخر ، وينجلي ذلك بما نسوقه لك من الأدلة : من الكتاب والسنة .
الأدلة من الكتاب والسنة :
قال تعالي : ( ورودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظلمون ) ( يوسف : 23) .
ووجه الدللالة : أنه لما حص اختلاط بين امرأة عزيز مصر وبين يوسف عليه السلام ظهر منها ما كان كامناً فطلبت منه أن يوافقها ، ولكن أدركه الله برحمته فعصمه منها ، وذلك في قوله تعالي : ( فأستجاب له ربهفصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم) ( يوسف : 34 ) . وكذلك إذا حصل اختلاط بالنساء ، اختار كل من النوعين من يهواه من النوع الآخر ، وبذل بعد ذلك الوسائل للحصول عليه .
الدليل الثاني : أمر الله الرجال بغض البصر ، وأمر النساء بذلك ، فقال تعالي : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصرهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكي لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنت يغضضن من أبصرهن ) ( النور : 30 ، 31 ) .
ووجه الأدلة من الأيتين : انه أمر المؤمنين والمؤمنات بغض البصر ، وأمر يقتضي الوجوب ، ثم بين تعالي أن هذا أزكي وأطهر، ولم يعف الشارع إلا عن نظر الفجأة ، فقد روي الحاكم في المستدرك عن علي رضي الله عنه أن النبي r قال : ( يا علي ، لا تتبع النظرة ، فإنما لك الأولي وليست لك الآخرة ) قال الحاكم بعد إخراجه : ( صحيح علي شرط مسلم ، ولم يخرجاه ) . ووافه الذهبي في تلخيصه ، وبمعناه عدة أحاديث .
وما أمر الله بغض البصر إلا لان النظر الي من يحرم النظر اليهن زناً ، فروي أبو هريرة - رضي الله عنه – عن النبي r أنه قال : ( العينان زناهما النظر ، والأذنان ذناهما الاستماع ، واللسان زناه الكلام ، واليد زناها البطش ، والرجل زناها الخطا ) متفق عليه ، واللفظ لمسم ، وإنما كان زناً لأنه تمتع بالنظر إلي محاسن المرأة ومؤد الي دخولها في قلب ناظرها ، فتعلق في قلبه ، فيسعي الي ايقاع الفاحشة بها ، فإذا نهي الشارع عن النظر اليهن لما بؤدي اليه من المفسدة وهو حاصل في الاختلاط ، فكذلك الاختلاط ينهي عنه ، لأنه وسيلة الي ما لا تحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي الي ما هو أسوأ مه .
الدليل الثالث : الأدلة التي سبقت في أن المرأة عورة ، ويجب عليها التستر في جميع بدنها ، لأن كشف ذلك أو شيء منه يؤدي الي النظر إليها ، والنظر إليها يؤدي إلي تعلق القلب بها ، ثم تبذل الأسباب للحصول عليها ، وكذلك الاختلاط .
الدليل الرابع : قالي تعالي : ( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ) ( النور : 31 ) .
وجه الدلالة : أنه تعالي منع النساء من الضرب بالأرجل وإن كان جائزاً في نفسه لئلا يكون سبباً إلي سمع الرجال صوت الخلخال ، فيثير ذلك دواعي الشهوة منهم إليهن ، وكذلك الاختلاط يمنع لما يؤدي إليه من الفساد .
الدليل الخامس : قوله تعالي : ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) ( غافر : 19 ) . فسرها ابن عباس وغيره : هو الرجل يدخل علي أهل البيت بيتهم ، ويهم المرأة الحسناء وتمر به ، فإذا غفلوا لحظاً ، فإذا فطنوا غض بصره عنها ، فإذا غفلوا لحظ ، فإذا فطنوا غض .
وجه الدلالة : أن الله تعالي وصف العين التي تسارق النظر الي ما لا يحل النظر إليه من النساء بأنها خائنة ، فكيف بالاختلاط .
الدليل السادس : أنه أمرهن بالقرار في بيوتهن ، قال تعالي : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرحن تبرج الجهلية الأولي ) الآية ( الاحزاب : 33 ) .
ووجه الدلالة : أن الله تعالي أمر ازواج رسول الله r الطاهرات المطهرات الطيبات بلزوم بيوتهن ، وهذا الخطاب عام لغيرهن من نساء المسلمين ، لما تقرر في علم الأصول أن خطاب المواجهة يعم إلا ما دل الدليل علي تخصيصه ، وليس هناك دليل يدل علي الخصوص ، فإذا كن مأمورات بلزوم البيوت إلا إذا اقتضت الضرورة خروجهن ، فكيف يقال بجواز الاختلاط علي نحو ما سبق . علي أنه كثير في هذا الزمان طغيان النساء ، وخلعهن جلباب احياء ، واستهتارهن بالتبرج والسفور عند الرجال الأجانب والتعري عندهم ، وقل الوازع عمن أنيط به الأمر من أزواجهن وغيرهم .
وأما الأدلة من ( السنة ) فإننا نكتفي بذكر ( عشرة أدلة ) :
الاول : روي الإمام أحمد في المسند بسنده عن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي - رضي الله عنهما _ أنها جاءت إلي النبيr ، فقالت : يا رسول الله ، إني أحب الصلاة معك . قال ( قد علمت أنك تحبين الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك ، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك ، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك ، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي ) قال : فأمرت فبني لها مسجد في أقصي بيت من بيوتها وأظلمه ، فكانت والله تصلي فيه حتي ماتت .
وروي ابن خزيمة ي صحيحه ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي r قال : ( إن أحب صلاة المرأة ألي الله في اشد مكان من بيتها ظلمة ) .
وبمعني هذين الحديثين عدة أحاديث تدل علي أن صلاة المرأة ي بيتها أفضل من صلاتها في المسجد .
وجه الدلالة : أنه إذا شرع في حقها أن تصلي في بيتها وأنه أفضل حتي من الصلاة في مسجد الرسول r ومعه فلئن يمنع الاختلاط من باب اولي .
الثاني : ما رواه مسلم والترمزي وغيرهما باسانيدهم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله r : ( خير صفوف الرجال أولها ، وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها ، وشرها أولها ) قال الترمزي بعد إخراجه : ( حديث حسن صحيح ) .
ووجه الدلالة : أن رسول الله r شرع للنساء إذا أتين إلي المسجد فإنهن ينفصلن عن الجماعة علي حدة ، ثم وصف أول صفوفهن بالشر ، والمؤخر منهن بالخير ، وما ذلك إلا لبعد المتأخرات عن الرجال عن مخالطتهم ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ، وذم أول صفوفهم لحصول عكي ذلك ، ووصف آخر صوف الرجال بالشر ، إذا كان معهم نساء في المسجد لفوات التقدم والقرب من الإمام وقربه من النساء اللاتي يشغلن البال وربما أفسدت به العبادة وشوشن النية والخشوع ، فإذا كان الشارع توقع حصول ذلك في مواطن العبادة مع أنه لم يحصل اختلاط ، فحصول ذلك اذا وقع اختلاط من باب أولي ، فيمنع الاختلاط من باب أولي .
الثالث : روي مسلم في صحيحه ، عن زينب زوجة عبد الله بن مسعود – رضي الله عنهما - ، قالت : قال لنا رسول الله r : ( إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تلمس طيباً ).
وروي أبو داود في سننة والإمام أحمد الشافعي في مسنديهما باسانيدهم ، عن أبي هريرة – رضي الله عنه - ، أن رسول الله r قال : ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات ) .
قال ابن دقيق العيد : ( فيه حرمة التطيب علي مريدة الخروج إلي المسجد ، لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم ، وربما يكون سبباً لتحريك شهوة المرأة ايضاً ) . قال : ( ويحلق بالطيب ما في معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر أثره والهيئة الفاخرة ) قال الحافظ ابن حجر : ( وكذلك الاختلاط بالرجال ) . وقال الخطابي في ( معالم السنن ): ( التفل : الرائحة ، يقال : امرأة تفلة إذا لم تتطيب ، ونساء تفلات ) .
الرابع : روي أسامة بن زيد ، عن النبي r أنه قال : ( ما تركت بعدي فتنة هي أضر علي الرجال من النساء ) رواه البخاري ومسلم .
ووجه الدلالة : أنه وصفنهن بأنهن فتنة ، فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون ؟ هذا لا يجوز .
الخامس : عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – عن النبي r أنه قال :( إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) رواه مسلم .
ووجه الدلالة : أن النبي r أمر باتقاء النساء ، وهو يقتضي الوجوب ، فكيف يحصل الامتثال مع الاختلاط ؟ ! هذا لا يجوز .
السادس : روي ابو داود في السنن والبخاري في الكني بسنديهما ، عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري ، عن أبيه – رضي الله عنه – أنه سمع النبي r يقول وهو خارج من المسجد اختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال النبي r للنساء : ( استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات من لصوقها ) هذا لفظ أبي دواد . قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث : ( يحققن الطريق ) هو أن يركبن حقها ، وهو وسطها .
وجه الدلالة : أن رسول الله r إذا منع من الاختلاط في الطريق لأنه يؤدي إلي الافتتان ، فكيف يقال بجواز الاختلاط في غير ذلك ؟ !
السابع : روي أو داود اطيالسي في سننه وغيره عن نافع ، عن ابن عمر – رضي الله عنهما- أن رسول الله r لما بني المسجد جعل باباً للنساء ، وقال : ( لا يلج من هذا الباب من الرجال أحد ) وروي البخاري في ( التاريخ الكبير ) عن ابن عمر – رضي الله عنهما – عن عمر – رضي الله عنه – عن النبيr قال : ( لا تدخلوا المسجد من باب النساء ) .
وجه الدلالة : أن رسول الله r منع اختلاط الرجال والنساء في أبواب المساجد دخولاً وخروجاً ، ومنه أصل اشتراكهما في أبواب المسجد سداً لذريعة الاختلاط ، فإذا منع الاختلاط في هذه الحال ، ففي ذلك من باب أولي .
الثامن : روي البخاري في صحيحه ، عن أم سلمة – رضي الله عنها – قالت : ( كان رسول الله r إذا سلم من صلاته قام النساء حتي يقضي تسليمه ومكث النبي r في مكانه يسيراً ) ، وفي رواية ثانية له : ( كان يسلم فتنصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله r ) ، وفي رواية ثالثة: ( كن إذا سلمن من المكتوبة قمن ، وثبت رسول الله r ومن صلي من الرجال ما شاء الله ، فإذا قام رسول الله r قام الرجال ) .
ووجه الدلالة : أنه منع الاختلاط بالفعل ، وهذا فيه تنبيه علي منع الاختلاط في غير هذا الموضوع .
الدليل التاسع والعاشر : روي الطبراني في ( المعجم الكبير ) عن معقل بن يسار – رضي الله عنه – أن رسول الله r قال : ( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له ) . قال الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) : رجاله رجال الصحيح , وقال المنذري في ( الترغيب والترهيب ) : رجاله ثقات .
وروي الطبراني ايضاً من حديث أبي أمامة – رضي الله عنه – عن النبي أنهr قال : ( لأن يزحم رجل خنزيراً متلطخاً بطين وحماة خير له من أن يزحم منكبه مكنب امرأة لا تحل له ) .
ووجه الدلالة من الحديثين : أنه r منع ممساة الرجل للمرأة بحائل وبدون حائل إذا لم يكن محرماً لها ، لما في ذلك من الاثر السييء ، وكذلك الاختلاط يمنع لذلك .
فمن تأمل ما ذكرناه من الأدلة تبين له أن القول بأن الاختلاط لا يؤدي إلي فتنة إنما هو بحسب تصور بعض الأشخاص وإلا فهو الحقيقة يؤدي إلي فتنة ، ولهذا منها الشارع حسماً لمادة الفساد .
ولا يدخل في ذلك ما تدعو إليه الضرورة وتشتد الحاجة إليه ويكون في مواضع العبادة كما يقع في احرم المكي ، والحرم المدني نسأل الله تعالي أن يهدي ضال المسلمين ، وأن يزيد المهتدي منهم هدي ، وأن يوفق ولاتهم لفعل الخيرات وترك المنكرات ، والأخذ علي أيدي السفهاء ، إنه سميع قريب مجيب ، وصلي الله علي محمد وآله وصحبه .
في بيان أحكام تحفظ للمرأة
كرامتها وتصون عفتها
1 – المرأة كالرجل مأمورة بغض البصر وحفظ الفرج ، قال الله تعالي : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصراهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكي لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنت يغضضن من أبصرهن ويحفظن فروجهن ) ( النور : 30 ، 31 ) .
قال شيخنا : الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسيره أضواء البيان : أمر الله جل وعلا المؤمنين والمؤمنات بغض البصر ، وحفظ الفرج ن ويدخل في حفظ الفرج حفظه من الزني واللواط والمساحقة ، وحفظه من الإبداء للناس والانكشاف لهم ، إلي أن قال : وقد وعد الله تعالي من امتثل أمره في هذه الآية ، من الرجال والنساء م بالمغفرة والأجر العظيم ، إذا عمل معها الخصال المذكورة في سورة الأحزاب ، وذلك في قوله تعالي : ( إن المسلمين والمسلمات ) إلي قوله : ( والحافظات والذكرين الله كثيراً والذكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً ) ( الأحزاب : 35 ) .. انتهي .
من أضواء البيان (62/186 – 187 ) قوله : والمساحقة ، المساحقة : هي إتيان المرأة المرأة بالمدالكة وذلك جريمة عظيمة تستحق عليها الفاعلتان تأديباً رادعاً ، وقال في المغني (8/198) : وإن تدالكت امرأتان فهما زانيتان ملعونتان لما روي عن النبي r أنه قال: ( إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان ) وعليهما التعزيز لأنه زناً لا حد فيه .. انتهي .
فلتحذر المرأة المسلمة خصوصاً الشابات من فعل هذا المنكر القبيح .
وأما عن غض البصر ، فقد قال عنه العلامة ابن المقيم في الجواب الكافي ، صفحة 129 – 130 : وأما اللحظات فهي رائد الشهوة ورسولها ، وحفظها أصل حفظ الفرج ، فمن أطلق نظره أورد نفسه موارد الهلاك ، وقد قال النبيr ( يا علي لا تتبع النظرة النظرة ، فإنما لك الأولي ) المراد بها نظرة الفجأة التي تقع بدون قصد ، قال : وفي المسند عنهr : ( النظر سهم مسموم من سهام إبليس ) إلي أن قال : والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان فإن النظرة تولد الخطرة ، ثم تولد الخطرة فكرة ، ثم تولد الفكرة شهوة ، ثم تولد الشهود إرادة ، ثم تقوي فتصير عزيمة جازمة ، فيقع الفعل ولابد ما لم يمنع منه مانع ، ولهذا قيل : الصبر علي غض البصر أيسر من الصبر علي ألم ما بعده ألم .. أنتهي .
فعليك أيتها الأخت المسلمة بغض البصر عن النظر إلي الرجال ، وعدم النظر في الصور الفاتنة التي تعرض في بعض المجلات ، او علي الشاشات في التلفاز أو الفيديو تسلمي من سوء العاقبة ، فكم نظرة جرت علي صاحبها حسرة ، والنار من مستصغر الشرر .
2 – ومن اسباب حفظ الفرج الابتعاد عن استعمال الأغاني والمزامير ، قال الإمام العلامة ابن المقيم في إغاثة اللهفان ( 1/242 ، 248 ، 264 ، 265 ) : ومن مكائد الشيطان التي كاد بها من قل نصيبه من العلم والعقل والدين ، وصاد بها قلوب الجاهلين والمبطلين سماع المكاء والتصدية والغناء بالآلات المحرمة الذي يصد القلوب عن القرآن ، ويجعلها عاكفة علي الفسوق والعصيان فهو قرآن الشيطان ، والحجاب الكثيف عن الرحمن ، وهو رقية اللواط والزنا ، وبه ينال العاشق الفاسق من معشوقته غاية من المني ، إلي أن قال : وأما سماعه من المرأة أو الأمرد فمن اعظم المحرمات وأشدها فساد للدين ، إلي أن قال : ولا ريب أن كل غيرو يجنب أهله سماع الغناء كما يجنبهن أسباب الريب وقال ايضاً : ومن المعلوم عند القوم ، أن المرأة إذا استصعبت علي الرجل ، اجتهد أن يسمعها صوت الغناء ، فيحنئذ تعطي الليان ، وهذا لأن المرأة سريعة الأنفعال للأصوات جداً ، فغذا كان الصوت بالغناء ، صار انفعالها من وجهين ، من جهة الصوت ومن جهة معناه ، قال : فأما اذا اجتمع الي هذه الرقية الدف والشبابة والرقص بالتخنيث والتكسر فلو حبلت المرأة من غناء لحبلت من هذا الغناء ، فلعمر الله كم من حرة صارت بالغناء من البغايا .. انتهي .
فاتقي الله أيتها المرأة المسلمة واحذري هذا المرض الخلقي الخطير وهو استماع الأغاني التي تروج بين المسلمين بمختلف الوسائل وأنواع الأساليب ، مما جعل كثيراً من الفتيات الجاهلات يطلبنها من مصادرها ويتهادينها بينهن .
3 – ومن أسباب حفظ الفروج ، منه المرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم يصونها ويحميها من أطماع العابثين والفسقة ، فقد جاءت الأحاديث الصحيحة تمنع سفر المرأة بدون محرم ، منها ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما : قال رسول الله r : ( لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا ومعها ذو محرم ) ( متفق عليه ) ، وعن أبي سعد الخدري رضي الله عنه أن النبي r : ( نهي أن تسافر المرأة مسيرة يومين أو ليلتين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم ) ( متفق عليه ) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي r : ( لا يحل لامرأة تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها ) ( متفق عليه ) .
والتقدير في الأحاديث بثلاثة الأيام واليومين واليوم والليلة المراد به ما كان علي وسائل النقل مما هو معروف آنذاك من سير الأقدام والرواحل واختلاف الأحاديث في هذا التقدير بثلاثة ايام أو يومين أو يوم وليلة وما هو أقل من ذلك أجاب عنه العلماء بأنه ليس المراد ظاهرة وإنما المراد كل ما يسمي سفراً فالمرأة منهية عنه .
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم (9/103) : فالحاصل أن كل ما يسمي سفراً تنهي عنه المرأة بغير زوج أو محرم سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يوم أو بريداً أو غير ذلك لرواية ابن عباس المطلقة وهي آخر روايات مسلم السابقة : ( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ) وهذا يتناول جميع ما يسمي سفراً والله أعلم .. انتهي .
وأما من أفتي بجواز سفرها مع جماعة من النساء للحج الواجب فهذا خلاف السنة . قال الإمام الخطابي في معالم السنن (2/276- 277) مع تهذيب ابن القيم : وقد حظر النبي r عليها أن تسافر إلا ومعها رجل ذو محرم منها ، فإباحة الخروج لها في سفر الحج مع عدم الشريطة التي أثبتها النبي r خلاف السنة ، فإذا كان خروجها مع غير ذي محرم معصية لم يجز إلزامها الحج ، وهو طاعة بأمر يؤدي الي معصية .. انتهي .
أقول وهم لم يبيحوا للمرأة أن تسافر من دون محرم مطرقاً وإنما أباحوا لها ذلك في سفر الحج الواجب فقط يقول الإمام النووي في المجموع (8/249 ) : ولا يجوز في التطوع وسفر التجارة والزيارة ونحوها إلا بمحرم .. انتهي .
فالذين يتساهلون في هذا الزمان في سفر المرأة بدون محرم في كل سفر لا يوافقهم عليه أحد من العلماء الذين يعتد بقولهم . وقولهم : أن محرمها يركبها في الطائرة ثم يستقبلها محرمها الآخر عند وصولها إلي البلد الذي تريده ، لأن الطائرة مأمونة بزعمهم لما فيه من كثرة الركاب من رجال ونساء ، نقول لهم : كلا الطائرات أشد خطراً من غيرها ، لأن الركاب يختلطون فيها وربما تجلس الي جنب رجل وربما يعرض للطائرة ما يصرفها عن اتجاهها الي مطار آخر فلا تجد من يستقبلها فتكون معرضة للخطر ، وماذا تكون المرأة في بلد لا تعرفه ولا محرم لها فيه .
4 – ومن أسباب حفظ الفروج منع الخلوة بين المرأة والرجل الذي ليس محرماً لها . قال r: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها فإن ثالثهما الشيطان ) وعن عامر بن ربيعة قال قال رسول الله r : ( لا يخلون رجل بامرأة لا تحل له ، فإن ثالثهما الشيطان إلا محرم ) قال المجد في المنتقي : رواهما أحمد وقد سبق معناه لابن عباس في حديث متفق عليه .
قال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار ( 6/120) : والخلوة بالأجنبية مجمع علي تحريمها كما حكي ذلك الحفاظ في الفتح ، وعلة التحريم ما في الحديث من كون الشيطان ثالثهما ، وحضوره يوقعهما في المعصية ، وأما مع وجود المحرم فالخلوة بالاجنبية جائزة لامتناع وقوع المعصية مع حضوره .. انتهي . وقد يتساهل بعض النساء وأولياؤهن بأنواع من الخلوة وهي :
(أ) خلوة المرأة مع قريب زوجها وكشف وجهها عنده وهذه الخلوة أعظم خطراً من غيرها قال النبي r : ( إياكم والدخول علي النساء ، فقال رجل من الأنصار يا رسول الله : أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت ) ( رواه أحمد والبخاري والترمذي وصححه ) ، وقال : ومعني الحمو يقال هو أخو الزوج. كأنه كره أن يخلو بها ، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (9/331) قال النووي : اتفق أهل العلم باللغة علي أن الأحماء أقارب زوج المرأة كأبيه وعمه وأخيه وابن أخيه وابن عمه ونحوهم ، وقال ايضاً : المراد به في الحديث أقارب الزوج – غير آبائه وأبنائه – لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت . قال : وجرت العادة بالتساهل فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت وهو أولي بالمنع .. انتهي . وقال الشوكاني في نيل الأوطار (6/122) : قوله ( الحمو الموت ) أي الخوف منه أكثر من غيره ، كما أن الخوف من الموت أكثر من الخوف من غيره .. انتهي .
فأتقي الله أيتها المسلمة ولا تتساهلي في هذا الأمر وان تساهل به الناس ، لأن العبرة بحكم الشرع لا بعادة الناس .
(ب)تتساهل بعض النساء وأولياؤهن بركوب المرأة وحدها في السيارة مع سائق غير محرم لها مع أن ذلك خلوة محرمة ، قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي البلاد السعودية رحمه الله في مجموع الفتاوي (10/52) : والآن لم يبق شك في أن ركوب المرأة الأجنبية مع صاحب السيارة منفردة ، بدون محرم يرافقها ، منكر ظاهر ، وفيه عدة مفاسد لا يستهان بها سواء كانت المرأة خفرة أو برزة : والرجل الذي يرضي بهذا لمحارمه ضعيف الدين ناقص الرجولة قليل الغيرة علي محارمه وقد قال r : ( ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ) وركوبها معه في السيارة أبلغ من الخلوة بها في بيت ونحوه ، لأنه يتمكن من الذهاب بها حيث يشاء من البلد أو خارج البلد طوعاً منها أو كرهاً ،ويترتب علي ذلك من المفاسد أعظم ما يترتب علي الخلوة المجردة .. انتهي .
ولابد ان يكون الشخص الذي تزول به الخلوة كبيراً فلا يكفي وجود الطفل ، وما تظنه بعض النساء أنها إذا استصحبت معها طفلاً زالت الخلوة ، ظن خاطيء ، قال الإمام النووي (9/109) : وأما إذا خلال الأحنبي بالأجنبية من غير ثالث معها فهو محرم حرام باتفاق العلماء ، وكذا لو كان معها من لا يستحي منه لصغره لا تزول به الخلوة المحرمة .
(ج) تتساهل بعض النساء وأولياؤهن بدخول المرأة علي الطبيب بحجة أنها بحاجة الي العلاج ، وهذا منكر عظيم وخطر كبير لا يجوز إقراره والسكوت عليه , قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في مجموع الفتاوي (10/13) : وعلي كل حال فالخلوة بالمرأة الأجنبية محرمة شرعاً ولو للطبيب الذي يعالجها لحديث : ( ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ) فلابد من حضور أحد معها سواء كان زوجها أو أحد محارمها الرجال ، فإن لم يتهيأ فلو من أقاربها النساء فإن لم يوجد أحد من ذكر وكان المرض خطراً لا يمكن تأخيره فلا أقل من حضور الممرضة ونحوها تفادياً من الخلوة المنهي عنها .. انتهي .
وكذا لا يجوز خلوة الطبيب بالمرأة الأجنبية منه سواء كانت طبيبة زميلة له ، أو ممرضة ولا خلوة المدرس الكفيف أو غيره بالطالبة ، ولا خلوة المرأة المضيفة بالطائرة مع رجل أجنبي منها ، وهذه الأمور قد تساهل فيها الناس باسم الحضارة الزائفة والتقليد الأعمي للكفار ولعدم المبالاة بالأحكام الشرعية ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ولا تجوز خلوة الرجل بالخادمة التي تخدم في بيته ولا خلوة المرأة صاحبة البيت بالخادم ، ومشكلة الخدم مشكلة خطيرة ابتلي بها كثير من الناس في هذا الزمان ، بسبب انشغال النساء بالدراسات والأعمال خارج البيوت ، وذلك مما يوجب علي المؤمنين والمؤمنات شدة الحذر وعمل الاحتياطات اللازمة ، وأن لا يتجاروا مع العادات السيئة .
· تتمة :
يحرم علي المرأة أن تصافح رجلاً ليس من محارمها ، قال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام للافتاء والدعوة والإرشاد حفظه الله في مجموع الفتاوي ، الذي طبعته م,مؤسسة الدعوة الاسلامية الصحفية (1/185) : لا تجوز مصافحة النساء غير المحارم مطلقاً سواء كن شابات أم عجائز ، وسواء المصافح شاباً أو شيخاً كبيراً ، لما في ذلك من خطر الفتنة لكل منهما ، وقد صح عن رسول الله r أنه قال : ( ما مست يد رسول الله rيد امرأة قط ما كان يبايعهن إلا بالكلام ) ولا فرق بين كونها تصافحه بحائل أو بدون حائل لعموم الأدلة ولسد الذرائع المفضية إلي الفتنة .. انتهي .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسيره أضواء البيان (6/602 – 603 ) : اعلم أنه لا يجوز للرجل الأحنبي أن يصافح امرأة أجنبية منه ولا يجوز له أن يمس شيء من بدنه شيئاً من بدنها ، والدليل علي ذلك أمور :
الاول : أن النبي r ثبت عنه أنه قال : ( إني لا أصافح النساء ) الحديث والله يقول : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) ( الأحزاب : 21 ) ، فيلزمنا ألا نصافح النساء اقتداء به r . والحديث المذكور قدمناه موضحاً في سورة الحج في الكلام علي النهي عن لبس المعصفر مطلقاً في الإحرام وغيره للرجال وفي سورة الأحزاب في آية الحجاب هذه ، وكونه r لا يصافح النساء وقت البيعة دليل واضح عي أن الرجل لا يصافح المرأة ولا يمس شيء من بدنه شيئاً من بدنها ، لأن أخف أنواع اللمس المصافحة ، فإذا امتنع منها r في الوقت الذي يقتضيها وهو وقت المبايعة دل ذلك علي أنها لا تجوز، ليس لأحد مخالفته r لأنه هو المشرع لأمته بأقواله وأفعاله وتقريره .
الأمر الثاني : وهو ما قدمناه من أن المرأة كلها عورة ، يجب عليها أن تحتجب ، وإنما أمر بغض البصر خوف الوقوع في الفتنة ولا شك أن مس البدن للبدن أقوي في إثارة الغريزة وأقوي داعياً الي الفتنة من النظرة بالعين وكل منصف يعلم صحة ذلك .
الأمر الثالث : أن ذلك ذريعة الي التلذذ بالأجنبيه ، لقلة تقوي الله في هذا الزمان ، وضياع الأمانة ، وعدم التورع عن الريبة ، وقد أخبرنا مراراً أن بعض الأزواج من العوام يقبل أخت امرأته بوضع الفم علي الفم ويسمون ذلك التقبيل المحرم بالإجماع ، سلاماً فيقولون : سلم عليها ، يعنون قبلها ، فالحق الذي لا شك فيه ، التباعد عن جميع الفتن والريب وأسبابها ، ومن أكبرها لمس الرجل شيئاً من بدن الأجنبيه والذريعة إلي الحرام يجب سدها .. انتهي .
وختاماً :
أيها المؤمنون والمؤمنات أذكركم بوصية الله لكم في قوله ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصرهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكي لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنت يغضضن من أبصرهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن علي جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو ءابائهن أو ءاباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخونهن أو بني إخونهن أو بني أخوتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمنهن أو التبعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا علي عورت النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلي الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون ) ( النور: 30 ، 31 ) .
والحمد لله رب العالمين ، وصلي الله وسلم علي نبينا محمد وآله وصحبه
Oakley MOD5 MIPS SNOW HELMET – ADULT - SneakersbeShops | nike compete run air force program