المسلم عمله كله عبادة، وواجباته التي يؤديها إذا صلحت نيته كلها عبادة فليست العبادة مجرد صلاة أو صيام فقط، فتعلم العلم وتعليمه والدعوة إلى الله، وتربية الأولاد ورعايتهم، والقيام بشئون الأهل والإحسان لعباد الله، وبذل الجهد في مساعدة الناس، والتنفيس عن المكروبين والمهمومين، ونفع الناس بكل عمل مباح، وطلب الرزق الحلال كل ذلك عبادة لله تعالى إذا صلحت النية، والمسلم الذي يوفقه الله للجمع بين العبادات الخاصة والعامة يكون قد حصل على خير عظيم، وهكذا أداء الوظيفة المسندة إليه في رمضان بنصح وصدق من جملة العبادة التي يثاب عليها. ومن اقتصر على العبادة الخاصة لعجزه عما سواها فهو على خير عظيم إذا أخلص لله وصدق في العمل الصالح، ولقد مر بالنبي صلى الله عليه وسلم رمضانان كان فيهما مجاهداً. فغزوة بدر الكبرى كانت في السابع عشر من رمضان عام اثنين من الهجرة، وغزوة فتح مكة كانت في رمضان في العام الثامن من الهجرة، وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان وأفطر فيه لما رأى ما حل بالناس من المشقة. والمقصود أن المسلم يجتهد في رمضان في الأعمال الصالحة ولا يتخذ من الشهر المبارك وقتاً للبطالة والنوم والغفلة والإعراض.