الرأي والرأي الآخر كما يقولون 26/11/2007 07:37:51 م | |
راجت في عصرنا الحاضر فكرة التعلق بالأقوال التي توافق هوى هذا المتعلق بها وهذا خطر فلا يكفي أن الأخذ برأي ما يضغط على الكمبيوتر ويستعرض الأقوال المخزنة فيه ويأخذ ما يوافق هواه فإن ذلك هو الضلال المبين. وليس ضلاله يقتصر عليه – وإن كنا لا نحب له ذلك – ولكن ضلاله يتعدى إلى الآخرين خصوصاً من لا علم عندهم فيحمل وزره كاملاً يوم القيامة ومن أوزار الذين أضلهم بغير علم، فالموقف هناك صعب. إن الخلاف واقع والأقوال كثيرة والآراء متباينة ولم يكلنا الله إلى الأقوال والخلاف بل قال لنا سبحانه وتعالى: (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)) وهذا أمر من الله يفيد وجوب رد النزاع والاختلاف إلى كتاب الله وسنة رسوله وذلك يكون على أيدي العلماء المتخصصين في علم الكتاب والسنة ومعرفة مأخذ الأقوال ومستنداتها ولا يتولاه المتعالمون والجهال أو الضلال فالله لم يرض لنا البقاء على الاختلاف ولم يرض لنا الأخذ بمجرد الأقوال على علاتها كل يأخذ منها ما يوافق هواه أو ما يرضى به الناس أو ما يتجارى مع الواقع المخالف لشرع الله سبحانه فهاهو الإمام أبو حنيفة يقول: ( إذا جاء الدليل عن الله فعلى الرأس والعين وإذا جاء عن رسول الله فعلى الرأس والعين وإذا جاء عن صحابة رسول الله فعلى الرأس والعين وإذا جاء عن التابعين فهم رجال ونحن رجال ) يريد أننا لا نقبل قول التابعي مع فضله ومكانته حتى نعرضه على الكتاب والسنة فكيف بقول غير التابعين وهاهو الإمام مالك يقول: ( كلنا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر ) يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهاهو الشافعي يقول: ( إذا خالف قولي قول الرسول صلى الله عليه وسلم فخذوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم واضربوا بقولي عرض الحائط ) وهاهو الإمام أحمد يقول: ( عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان والله تعالى يقول: (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )). إنني أقول لمن فتنوا بتتبع الأقوال والرخص ويعلنون ذلك في المجلات والصحف أو في الفضائيات عليهم أن يتقوا الله في أنفسهم وفي إخوانهم وأن لا يدخلوا فيما ليس من اختصاصهم فالخطر عظيم والذنب كبير والإثم أكبر وليعلموا أنهم مسئولون عما يقولون وعما يكتبون يوم القيامة، وليس لهم حجة عند الله وأما قولهم لا يجوز حمل الناس على قول واحد لأن هذا فيه تضييق على الناس فنقول لهم نحن لا نحمل الناس على قول شخص معين غير الرسول صلى الله عليه وسلم أو من وافق قوله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقوال العلماء وهذا واجب على الجميع قال تعالى: (( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب )) وسبق ذكر أقوال الأئمة الأربعة رحمهم الله أنه لا يجوز أن يؤخذ من أقوالهم إلا ما وافق قول الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا ما سار عليه علماء هذه البلاد ـ ولله الحمد ـ إنهم وإن كانوا على مذهب الإمام أحمد في الجملة لكن إذا تبين لهم أن الدليل مع قول يخالف المذهب في بعض المسائل أخذوا به إتباعاً للدليل وهذه فتاواهم في الدرر السنية وغيرها على هذا المنهج وترك ما سواه ـ أما من يعلن للناس بجواز الأخذ بكل قول دون نظر إلى مستنده بحجة التيسير على الناس ورفع الحرج عنهم فهذا العمل خطأ واضح ـ واليسر في إتباع الدليل لا مخالفة الدليل لأن ذلك هو الحرج فما شرعه الله ورسوله فهو اليسر. هذا ما أردت التنبيه عليه من باب النصيحة، ( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون ). وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. كتبه: صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء |