لم يكن الله تعالى ليختار لنبيه صلى الله عليه وسلم إلا خير النساء وأكملهن حتى يكنّ نعم السكن له، ونعم العون له في قيامه بمهمات الدعوة إلى الله وتبعاتها الجسيمة.
وحتى يكنّ من بعده منارات هدى يقتبس الناس منها علما وحكمة وحظاً طيباً مباركا من تراث محمد صلى الله عليه وسلم ولا سيما ذلك الجزء الذي يكون في البيت لا يطلع عليه غالباً إلا أهل بيت الرجل وخاصته.
وإذا كان الله تعالى قد اختار له أن يتزوج ابنة الخليفة الأول من بعده أبي بكر فقد اختار له أيضا أن يتزوج ابنة الخليفة الثاني عمر فكانت ابنته حفصة من نصيب النبي صلى الله عليه وسلم وبذلك نال الخليفتان شرف مصاهرة النبي صلى الله عليه وسلم لهما كما نال الخليفة الثالث والرابع شرف المصاهرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتزوج عثمان من ابنتيه رقية ثم أم كلثوم وتزوج علي فاطمة رضي الله عن الجميع.
أما أبوها فهو الفاروق عمر أمير المؤمنين المُحدّث الملهم الشهيد المبشر بالجنة فاتح العراق وفارس ومصر والشام ، وأمها زينب بنت مظعون القرشية الجمحية إحدى المهاجرات رضي الله عنها.
وعمها زيد بن الخطاب سابق عمر إلى الإسلام وإلى الشهادة وحامل راية المسلمين يوم اليمامة وكان عمر يقول (ما هبت الصًّبا إلا وأنا أجد ريح زيد).
وخالها عثمان بن مظعون أحد سادات المسلمين أسلم وهاجر ومات بالمدينة سنة ثلاث في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فشهده النبي صلى الله عليه وسلم وقبّله بعد موته ودموعه تسيل على خديه ورأته إحدى الصالحات في منامها وله عين تجري فقال النبي صلى الله عليه وسلم (ذاك عمله)
أسلمت حفصة وتزوجت خنيس بن حذافة والذي وافته منيته بعد عزوة بدر شهيداً حميداً رضي الله عنه وكانت في زهرة شبابها تقارب العشرين عاماً. ولا شك أن فقد الزوج من أكبر المصائب التي تحل بالمرأة وهكذا الله يبتلي عباده بما شاء من أنواع البلاء حتى يتميز من يصبر ويسلّم ومن يجزع ويسخط فيوفي الصابرين أجرهم بغير حساب.
ولما انقضت عدتها كان عمر رضي الله عنه وهو الأب الرحيم الشفيق الحريص على أمر ابنته يريد لها الخير ويبذل أسبابه ويسعى في ذلك جاهداً.
أدرك عمر أن المرأة لا يصلح أن تبقى بلا زوج كما أن الرجل لا يصلح أن يبقى بلا زوجة فأخذ يبحث لها عن الرجل الصالح فوقع اختياره على عثمان بن عفان رضي الله عنه فعرضها عليه ولكن عثمان أجابه بأنه بدا له أن لا يتزوج ذلك الوقت فوجد عليه أن فات ابنته رجل كعثمان خيراً وفضلاً.
ولكنه لم يكفّ عن البحث فلقي أبا بكر فعرض عليه أن يزوجه حفصة فسكت أبو بكر ولم يجبه بشيء فوجد عليه أكثر مما وجد على عثمان.
وبعد ليال يسيرة جاء الله بالفرج وأتى من النصيب ما لعله لم يكن في حسبان حفصة ولا أبيها لقد جاء سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم يخطبها فزوجه عمر وصارت حفصة بذلك أما للمؤمنين.
ولما تم ذلك اعتذر أبو بكر لعمر قائلاً: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئا . قال عمر قلت نعم . قال أبو بكر فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أنى كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها ، فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلتها .
فأين الآباء الذين يعضلون بناتهم اليوم عن الأكفاء رضوخاً لعادات وتقاليد فاسدة، أو طمعاً في مال يناله من راتب ابنته، أو احتقاراً واستهانة بشأنها فلا يبالي بها وبمصلحتها ومستقبلها ومشاعرها؟
أين هم من عمر الذي أخذ بنفسه يبحث لابنته عن الكفؤ ويعرضها مرة بعد مرة على خيار الناس وكرامهم.
وأين الأصدقاء والإخوة والزملاء من أخلاق أبي بكر مع أخيه عمر حيث أخذ يعتذر إليه مما عسى أن يكون قد وقع في نفسه تطييباً لخاطره وإزالة لما قد يكون علق به بسبب الطبع البشري حرصاً من أبي بكر على صفاء القلوب وخلوص المودة وقطعاً للطريق على الشيطان حتى لا يكون له مدخل ليفسد ما بينهما من المودة والمحبة في الله تعالى.
وكان في خطبته لها وزواجه منها صلى الله عليه وسلم بتوفيق الله مصالح كثيرة ومن تلك المصالح:
أنه يأتي كالمكافأة لها على حسن بلائها وهجرتها إلى الله ورسوله، وجبراً لمصابها في فقد زوجها شهيدا في مغازي النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن فيه تطييباً لقلب عمر صاحبه ووزيره وتوثيقاً لرباط الأواصر بينهما ورفعة من شأنه أن تكون ابنته تحت النبي صلى الله عليه وسلم.
ولو تأملنا زيجات النبي صلى الله عليه وسلم لوجدناها كذلك تنطوي على حكم بالغة ومقاصد عظيمة فلم يكن الأمر منحصراً في مسألة قضاء الوطر ولذا لم يكن في زوجاته بكراً غير عائشة رضي الله عن الجميع ولو كان إنما يقصد ذلك فقط لكن له شأن آخر صلوات الله وسلامه عليه.
JmksportShops , Chaussures, sacs et vêtements , Livraison Gratuite | Buy Yeezy Shoes - Adidas x Kanye West — Ietp - adidas hamburg burgundy suede pants plus size