فضل صيام رمضان و قيامه

فضل صيام رمضان وقيامه

 

مع بيان أحكام مهمة قد تخفى على بعض الناس

لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

 

 

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه من المسلمين، سلك الله بي وبهم سبيل أهل الإيمان، ووفقني وإياهم للفقه في السنة والقرآن. آمين.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد :

فهذه نصيحة موجزة تتعلق بفضل صيام شهر رمضان وقيامه، وفضل المسابقة فيه بالأعمال الصالحة، مع بيان أحكام مهمة قد تخفى على بعض الناس.

ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان، ويخبرهم عليه الصلاة والسلام أنه شهر تفتح فيه أبواب الرحمة وأبواب الجنة وتغلق فيه أبواب جهنم وتغل فيه الشياطين، ويقول صلى الله عليه وسلم : رواه الترمذي في (الصوم) باب ما جاء في فضل شهر رمضان برقم (682)، وابن ماجه في (الصيام) باب ما جاء في فضل شهر رمضان رقم (1642). إذا كانت أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وغلقت أبواب جهنم فلم يفتح منها باب، وصفدت الشياطين، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار ، وذلك كل ليلة . ويقول عليه الصلاة والسلام: عزاه الهيثمي في مجمع الزوائد (3 : 142) إلى الطبراني في الكبير. جاءكم شهر رمضان ، شهر بركة ، يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحط الخطايا ، ويستجيب الدعاء، ينظر الله إلى تنافسكم فيه ، فيباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرا ؛ فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله .

ويقول عليه الصلاة والسلام: رواه البخاري في (صلاة التراويح) باب فضل ليلة القدر برقم (2014)، ومسلم في (صلاة المسافرين وقصرها) باب الترغيب في قيام رمضان برقم (760) من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه .

ويقول عليه الصلاة والسلام: رواه البخاري في (الصوم) باب هل يقول : إني صائم برقم (1904)، ومسلم في (الصيام) باب فضل الصيام برقم (1151) . يقول الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، إلا الصيام ؛ فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي. للصائم فرحتان : فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك . والأحاديث في فضل صيام رمضان وقيامه وفضل جنس الصوم كثيرة.

فينبغي للمؤمن أن ينتهز هذه الفرصة ، وهي ما من الله به عليه من إدراك شهر رمضان ، فيسارع إلى الطاعات، ويحذر السيئات، ويجتهد في أداء ما افترض الله عليه ، ولا سيما الصلوات الخمس؛ فإنها عمود الإسلام ، وهي أعظم الفرائض بعد الشهادتين . فالواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة عليها وأداؤها في أوقاتها بخشوع وطمأنينة.

ومن أهم واجباتها في حق الرجال ؛ أداؤها في الجماعة في بيوت الله التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ؛ كما قال عز وجل: سورة البقرة الآية 43 وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ وقال تعالى: سورة البقرة الآية 238 حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ وقال عز وجل: سورة المؤمنون الآية 1 قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ سورة المؤمنون الآية 2 الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ إلى أن قال عز وجل: سورة المؤمنون الآية 9 وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ سورة المؤمنون الآية 10 أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ سورة المؤمنون الآية 11 الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: رواه الإمام أحمد في (باقي مسند الأنصار) من حديث بريدة الأسلمي برقم (22428)، و الترمذي في (الإيمان) باب ما جاء في ترك الصلاة برقم (2621)، وابن ماجه في (إقامة الصلاة) باب ما جاء فيمن ترك الصلاة برقم (1079). العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر .

وأهم الفرائض بعد الصلاة أداء الزكاة كما قال عز وجل: سورة البينة الآية 5 وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ وقال تعالى: سورة النور الآية 56 وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وقد دل كتاب الله العظيم وسنة رسوله الكريم على أن من لم يؤد زكاة ماله يعذب به يوم القيامة.

وأهم الأمور بعد الصلاة والزكاة صيام رمضان، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة المذكورة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: رواه لبخاري في (الإيمان) باب بني الإسلام على خمس برقم (8)، ومسلم في (الإيمان) باب أركان الإسلام برقم (16). بني الإسلام على خمس؛ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت ، ويجب على المسلم أن يصون صيامه وقيامه عما حرم الله عليه من الأقوال والأعمال؛ لأن المقصود بالصيام هو طاعة الله سبحانه، وتعظيم حرماته، وجهاد النفس على مخالفة هواها في طاعة مولاها، وتعويدها الصبر عما حرم الله، وليس المقصود مجرد ترك الطعام والشرب وسائر المفطرات، ولهذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رواه البخاري في (الصوم) باب هل يقول : إني صائم إذا شتم برقم (1904) . الصيام جنة ، فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إني صائم ، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: رواه البخاري في (الصوم) باب من لم يدع قول الزور برقم (1903). من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه .

فعلم بهذه النصوص وغيرها أن الواجب على الصائم الحذر من كل ما حرم الله عليه ، والمحافظة على كل ما أوجب الله عليه، وبذلك يرجى له المغفرة والعتق من النار وقبول الصيام والقيام.

وهناك أمور قد تخفى على بعض الناس:

 

 

منها: أن الواجب على المسلم أن يصوم إيمانا واحتسابا لا رياء ولا سمعة ولا تقليدا للناس ، أو متابعة لأهله أو أهل بلده، بل الواجب عليه أن يكون الحامل له على الصوم هو إيمانه بأن الله قد فرض عليه ذلك، واحتسابه الأجر عند ربه في ذلك، وهكذا قيام رمضان يجب أن يفعله المسلم إيمانا واحتسابا لا لسبب آخر، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: رواه البخاري في (صلاة التراويح) باب فضل ليلة القدر برقم (2014)، ومسلم في (صلاة المسافرين) وقصرها باب الترغيب في قيام رمضان برقم (760). من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه .

ومن الأمور التي قد يخفى حكمها على بعض الناس: ما قد يعرض للصائم من جراح أو رعاف أو قيء أو ذهاب الماء أو البنزين إلى حلقه بغير اختياره، فكل هذه الأمور لا تفسد الصوم، لكن من تعمد القيء فسد صومه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) مسند أبي هريرة برقم (10085)، وابن ماجه في (الصيام) باب ما جاء في الصائم يقيء برقم (1676) واللفظ له. من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فعليه القضاء .

ومن ذلك: ما قد يعرض للصائم من تأخير غسل الجنابة إلى طلوع الفجر، وما يعرض لبعض النساء من تأخر غسل الحيض أو النفاس إلى طلوع الفجر، إذا رأت الطهر قبل الفجر، فإنه يلزمها الصوم، ولا مانع من تأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الفجر، ولكن ليس لها تأخيره إلى طلوع الشمس؛ بل يجب عليها أن تغتسل وتصلي الفجر قبل طلوع الشمس، وهكذا الجنب ليس له تأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الشمس، بل يجب عليه أن يغتسل ويصلي الفجر قبل طلوع الشمس، ويجب على الرجل المبادرة بذلك حتى يدرك صلاة الفجر مع الجماعة.

ومن الأمور التي لا تفسد الصوم : تحليل الدم، وضرب الإبر، غير التي يقصد بها التغذية، لكن تأخير ذلك إلى الليل أولى وأحوط إذا تيسر ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) مسند أنس بن مالك برقم (11689)، و البخاري معلقا في (كتاب البيوع) باب تفسير الشبهات، والنسائي في (الأشربة) باب الحث على ترك الشبهات برقم (5711). دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، وقوله عليه الصلاة والسلام: رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52)، ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599) من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه .

 

 

ومن الأمور التي يخفى حكمها على بعض الناس:

عدم الاطمئنان في الصلاة سواء كانت فريضة أو نافلة، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الاطمئنان ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة بدونه، وهو الركود في الصلاة والخشوع فيها وعدم العجلة حتى يرجع كل فقار إلى مكانه. وكثير من الناس يصلي في رمضان صلاة التراويح صلاة لا يعقلها ولا يطمئن فيها بل ينقرها نقرا، وهذه الصلاة على هذا الوجه باطلة، وصاحبها آثم غير مأجور.

ومن الأمور التي قد يخفى حكمها على بعض الناس:

ظن بعضهم أن التراويح لا يجوز نقصها عن عشرين ركعة، وظن بعضهم أنه لا يجوز أن يزاد فيها على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، وهذا كله ظن في غير محله بل هو خطأ مخالف للأدلة.

وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن صلاة الليل موسع فيها ، فليس فيها حد محدود لا تجوز مخالفته، بل ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، وربما صلى ثلاث عشرة ركعة، وربما صلى أقل من ذلك في رمضان وفي غيره.

ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل قال: رواه البخاري في (الجمعة) باب ما جاء في الوتر برقم (991)، ومسلم في (صلاة المسافرين وقصرها) باب صلاة الليل مثنى مثنى برقم (749). مثنى مثنى ، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى . متفق على صحته .

ولم يحدد ركعات معينة لا في رمضان ولا في غيره، ولهذا صلى الصحابة رضي الله عنهم في عهد عمر رضي الله عنه في بعض الأحيان ثلاثا وعشرين ركعة، وفي بعضها إحدى عشرة ركعة، كل ذلك ثبت عن عمر رضي الله عنه وعن الصحابة في عهده.

وكان بعض السلف يصلي في رمضان ستا وثلاثين ركعة ويوتر بثلاث، وبعضهم يصلي إحدى وأربعين، ذكر ذلك عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره من أهل العلم، كما ذكر رحمة الله عليه أن الأمر في ذلك واسع، وذكر أيضا أن الأفضل لمن أطال القراءة والركوع والسجود أن يقلل العدد، ومن خفف القراءة والركوع والسجود زاد في العدد، هذا معنى كلامه رحمه الله.

ومن تأمل سنته صلى الله عليه وسلم علم أن الأفضل في هذا كله هو صلاة إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، في رمضان وغيره؛ لكون ذلك هو الموافق لفعل النبي صلى الله عليه وسلم في غالب أحواله، ولأنه أرفق بالمصلين وأقرب إلى الخشوع والطمأنينة ، ومن زاد فلا حرج ولا كراهية كما سبق.

 

 

والأفضل لمن صلى مع الإمام في قيام رمضان أن لا ينصرف إلا مع الإمام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رواه الإمام أحمد في (مسند الأنصار) من حديث أبي ذر الغفاري برقم (20910)، والترمذي في (الصوم) باب ما جاء في قيام شهر رمضان برقم (806). إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة .

ويشرع لجميع المسلمين الاجتهاد في أنواع العبادة في هذا الشهر الكريم من صلاة النافلة، وقراءة القرآن بالتدبر والتعقل والإكثار من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار والدعوات الشرعية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله عز وجل، ومواساة الفقراء والمساكين، والاجتهاد في بر الوالدين، وصلة الرحم، وإكرام الجار، وعيادة المريض، وغير ذلك من أنواع الخير؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق: عزاه الهيثمي في مجمع الزوائد (3 : 142) إلى الطبراني في الكبير. ينظر الله إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته ، فأروا الله من أنفسكم خيرا، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله ، ولما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: رواه ابن خزيمة مختصرا في صحيحه 3 \ 191 برقم (1887) من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه ،

 

ولقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: رواه البخاري في (الحج) باب حج النساء برقم (1863)، ومسلم في (الحج) باب فضل العمرة في رمضان برقم (1256)، وابن ماجه في (المناسك) باب العمرة في رمضان برقم (2991) عمرة في رمضان تعدل حجة. أو قال: حجة معي .

والأحاديث والآثار الدالة على شرعية المسابقة والمنافسة في أنواع الخير في هذا الشهر الكريم كثيرة.

والله المسئول أن يوفقنا وسائر المسلمين لكل ما فيه رضاه، وأن يتقبل صيامنا وقيامنا، ويصلح أحوالنا ويعيذنا جميعا من مضلات الفتن، كما نسأله سبحانه أن يصلح قادة المسلمين، ويجمع كلمتهم على الحق ، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 

نصيحة موجزة تتعلق بفضل صيام شهر رمضان وقيامه، لسماحته ، طبعت عام 1401 هـ ثم نشرها المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالنسيم بمدينة الرياض .

Upcoming 2021 Nike Dunk Release Dates - nike tiempo ii jersey green black friday specials - CopperbridgemediaShops | Nike Court Royale AC sneakers in white & black , FaoswalimShops , old school nike air force 1 hour time of dying

الأقسام الرئيسية:

المشائخ والعلماء: