التحول عن الفقه إلى الحجامة!

التحوُّلُ عن الفقهِ.. إلى الحِجامَة!

قد يُضْطَرُّ فقيهٌ ـ في الماضي ـ إلى صَرْفِ قَليلٍ أو كَثيرٍ مِن وَقْتِهِ للحِجامَة ـ كما يُشير المثلُ الّذي عَنْوَنْتُ بِهِ هذا المَقال! ـ؛ لأَنَّ الفِقْهَ لَمْ يُتَّخَذْ ـ قَبْل قَرْنٍ ـ عَرَضاً مِن عُروضِ التِّجارَة الدُّنيَوِيَّة! والحِجامَةُ سَبَبٌ صَالِحٌ مشروعٌ؛ وَمِهْنَةٌ قَديمَةٌ ـ مُفيدَةٌ للحاجِمِ والمَحْجُوم ـ لا يُعْرَفُ لَها مِنَ الآثارِ الضَّارَّةِ ما لا يَكادُ يَسْلَمُ مِنْهُ عِلاجٌ حَدِيث!!

وَلَكِنَّ المُصيبَةَ الحقيقِيَّةَ أن يَتَحوَّلَ أكثرُ طُلاَّب العِلم ـ اليَوْمَ ـ الَّذِينَ هَيَّأَ اللَّهُ لَهُم التَّفَقُّهَ فِي الدِّين، وكَفَاهُم أَمْرَ المَعِيشَة ـ عَنِ التَّفَقُّهِ فِي نُصوصِ الوَحْيِ إلى الفِكْر المَنْسُوب ـ زوراً ـ إلى الإسلامِ؛ سَعْياً لِكَسْبِ أَلْقَابِ الدِّراسَةِ الأعْجَمِيَّةِ، وَمِن وَرائِها المَال أو الجّاه أو السُّلْطَة!

وإلى القارئ ما عرفتُه عَن وَاحِدٍ ـ أظُنُّهُ مِن خَيْرِ هؤلاءِ ـ ردَّهُم اللَّهُ لِدِينِه ـ:

عَرَفتُ أخي في الدِّين ـ وَفي وَطَنِ الدَّعْوَة إلى مِنْهَاج النُّبُوَّةِ المُتميِّز فِي القُرونِ الثَّلاثَةِ الأخِيرَة بِمُحارَبَةِ الشِّرْكِ والابتِداع ـ (سَفَر الحَوالِي): مِن زِياراتِي لَهُ في مَكْتَبِهِ الَّذِي تَبَوَّأَهُ فِي خِدْمَةِ الدَّوْلَةِ المُبارَكَة، واستِماعِي لِدُرُوسِهِ الَّتِي فَتَحَتْ لَها الدَّوْلَةُ المُبَارَكَةُ المَسَاجِدَ فِي مَكَّة وَجُدَّة ـ بِخاصَّة ـ، وَمَكتَبَة المَسْجِد الحَرَام.

وخَيرُ أَشْرِطَتِهِ فِي (الرَّدِّ عَلى فِتْنَة مُحمّد بن عَلَوِي المَالِكي خاصّة، وَعَلى المُخَرِّفين عَامَّة)، وَقَرأتُ له خَيْرَ مَا كَتَب (فِي الرَّدِّ عَلى مُحَمَّد بن عَلي الصَّابُوني خَاصَّة، والأَشَاعِرَة عامَّة).

فَلم أَجِدْهُ مُتميِّزاً في أَشْرِطَتِه، وَلا دُرُوسِه، وَلا كُتُبِه ـ وَهِي الأَقَلّ عَدَداً ـ بِقُدْرَةٍ عَلى الاستِنْبَاط، أو بَسْطَةٍ فِي العِلْم، وَلَكِنِّي وَجَدْتُهُ مُتَمَيِّزاً بِما هُوَ أحبّ إِلَيَّ مِن ذَلِكَ ـ فِي هَذا العَصْر ـ: مُحاوَلتَه السِّباحَةَ ضِدَّ تَيَّار الفِكْر الإِسْلامِي ـ زعموا ـ، والحِزْبِيَّةِ وَالحَرَكِيَّةِ الإِسْلامِيَّةِ ـ زعموا ـ الَّذِي كَاد طَوفانُه أَنْ يُغْرِقَ الجامِعَات فِي بِلاد التَّوْحِيد وَالسُّنَّة، وَمِنْهَا جَامِعَةُ أُمّ القُرَى؛ الَّتِي مَوَّلَت الدَّوْلَةُ المُبارَكَةُ تعلُّمَهُ ثُمّ تَعْليمَه فِيها، وَشَكَرْتُ اللّه عَلى نِعْمَتِهِ بِذَلِكَ ـ عَلَيْهِ وَعَلَيّ ـ.

وَفِي الأُمَّة ـ اليَوْمَ ـ مِنَ الفُقَهَاءِ وَالمُحَدِّثِين ـ عَلى قِلَّتِهِم ـ مَا تَقُومُ بِهِ الكِفايَةُ.

وَالجَامِعَاتُ ـ اليَوْمَ ـ لا تُخَرِّجُ الفُقَهَاء وَلا المُحَدِّثِين، وَالقَلِيلُ مِمَّن بَلَغُوا هَذِه الدَّرَجَةَ ـ مِثل الشّيخ صَالِح الفُوزَان ـ بَلَغَهَا رُغْمَ انشِغالِهِ بِتَحْصِيلِ لَقَب (الدُّكْتُورَاه)، وَلَيْسَ بِسَبَبِه! وَإِنَّمَا بِصَرْفِ وَقْته ـ بَعْدَ الجَامِعَة ـ فِي البَحْثِ، والتَّعَلُّم، وَالتَّعْلِيم، والدَّعْوَة عَلى مِنْهَاج النُّبُوَّة.

وَأَكْثَرُ مِن هؤلاءِ: مَنْ بَلَغَ دَرَجَةَ (العَالِم وَالمُحَدِّث) دُونَ عَوْنٍ مِن الدِّراسَة الجامِعِيَّة في هَذَا العَصْر، وَخَيْرُ مَثَلٍ لِهَذِهِ الفِئَةِ المُبَارَكَةِ الشَّيْخُ عَلِي بن حَسَن بِن عَبْد الحَمِيد الحلبي، فَضْلاً عَن ابن بَاز والأَلْبَانِي ـ رحمهما اللَّه ـ.

وَدَرَجَةُ الدُّكْتُورَاه الحَقِيقِيَّة ـ لا المُزَيَّفَة! ـ تَأتِي نَتِيجَةً لِدِراسَةِ مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، أو تَحْقِيقِ مَخْطوطَة ـ عَدَمُهَا خَيْرٌ مِن وُجودِهَا! ـ، لا تُضِيفُ شَيْئاً إِلَى العِلْمِ الشَّرْعِيِّ ـ لَوْ أمكنَ ذَلِك ـ، وَلَكِنَّها تُوفِّي بِشَرْطٍ مِن شُرُوطِ الدِّراسَةِ العَصْرِيَّة.

وَكَانَ نَصيبُ سَفَر الحَوالِي رِسَالَةً عَنِ «الإِرْجَاء» تَحْتَ إِشْرَافِ كَاتِبٍ حَرَكِيٍّ غَيْر مُتَخَصِّص فِي الشَّرِيعَة: (مُحمَّد قُطُب)!

وَمَهْمَا أَضْمَرَ (سَفَر) ـ أَوْ أَظْهَر ـ عَن سَبَبِ اختِيارِهِ هَذِهِ الجُزْئِيَّةَ مِن جُزْئِيَّاتِ عِلْم الاعتِقَاد، وَالحُكْمُ عَلَى الظَّاهِر ـ، وَمَهْمَا ظَنَّ غَيْرُهُ به؛ فَقَد حَسِبْتُهَا مِن فَضَائِلِه ـ فِي المَرْحَلَةِ الأولَى مِن حَيَاتِه ـ: الاهتِمَامَ بالأهَمّ ـ وَهُوَ الاعتِقَاد، وَلَوْ فِي أَدْنَى مَسَائِلِه! ـ.

وَتَفْتِيتُ العِلْم ـ أَوْ تَجْزِئَتُهُ ـ مُصيبَةٌ أَوْرَثَنَاها تَقْلِيدُنا للِجَامِعَات الأورُبِّيَّة وَالأَمْرِيكِيَّة؛ الَّتي تَحَوَّلَتْ ـ قَبْلَ قَرْن ـ مِن الشُّمُول ـ تَحْتَ عِنْوَان: كُلِّيَّة العُلُوم، (أو الفُنون)، والآداب، أَوْ كُلِّيَّة الاقتِصَاد، أوِ العُلُوم السِّيَاسِيَّة ـ إِلَى التَّفْتِيت فِي عَشَرَات ـ أو مِئَات ـ الكُلِّيَّات الَّتِي لَمْ تَعُدْ كُلِّيَّات بَلْ جُزْئِيَّات! وَكَانَت مُصِيبَتُها أهْوَنَ؛ لِهَوَانِ غَايَاتها الدُّنْيَوِيَّة...

أَمّا عِلْمُ الدِّين ـ الَّذِي يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللّه، ودرجَاتُهُ العُلَى فِي الآخِرَة ـ فَلا يَلِيق بِهِ إِلاَّ مَا كَانَ عَلَيْه أَمْثَالُ ابن بَاز وَمَنْ سَبَقَهُ ـ رَحِمَهُم اللَّه ـ.

وَما كَان مِن المَألُوف أَنْ يَخْتَارَ مِثلُ سَفَر ـ أَوْ مِثْلُ أُسْتَاذِهِ وَالمُشْرِف عَلَيْه مُحَمَّد قُطُب ـ مَسْأَلَةَ «الإِرْجَاء» للتَّرْكِيزِ عَلَيْهَا بِهِ؛ لأَنَّ الكُتَّابَ وَالمُفَكِّرينَ والحَرَكِيِّين والحِزْبِيِّين ـ المَوْصُوفِينَ ـ زُوراً ـ بِالإِسْلامِيِّين ـ: يَدَّعُونَ أَنَّ مِنْ عُيُوبِ السَّلَفِيِّين انشِغَالَهُم (بِالمَسَائِل القَدِيمَة) عَن (القَضَايا المَصِيرِيَّة الحَادِثَة)، وَفِي لَفْظ المَوْدُودِي ـ رَحِمَهُ اللَّه ـ بِرِوَايَة اسمَاعِيل بن عَتِيق ـ حَفِظَهُ اللَّه ـ: (الانشِغَال بِهَدْمِ القُبُور عَنْ هَدْمِ القُصُور)، وَفِي لَفْظ سَيِّد قُطُب ـ رَحِمَهُ اللَّه ـ: (الانشِغَال بِفِقْهِ الأَوْرَاق عَنْ فِقْهِ الوَاقِع، أو الحَرَكَة) فِي «ظِلالِه» (ص2006)!

وَلِذَلِكَ ظَنَّ بَعضُ طُلاَّب العِلْم الشَّرْعِي ـ وَبَعضُ الظَّنّ إِثْمٌ ـ أَنَّ الأُسْتَاذ المُشْرِف محمّداً وَجَّهَ تِلْمِيذه سَفَراً إِلَى هَذَا الاختِيَار: مِظَلَّةً أَكادِيمِيَّةً لِلتَّشْكِيك فِي بَقِيَّة عُلَمَاءِ السُّنَّة الصَّحِيحَة (تَصْدِيقاً لِوَصْفِ الحَرَكِيِّين إِيَّاهُم بِأَنَّهُم عُلَمَاءُ السُّلْطَان الَّذِينَ يَسْتُرُونَ كُفْرَهُ؛ بِحُجَّةِ عَدَمِ الاستِحْلاَل وَالجُحُود)، وَفِي الوَقْتِ نَفْسِهِ تَزْيِين الخُروجِ عَلَى السُّلْطَان؛ بِحُجَّةِ كُفْرِه بِالكَبِيرَة (اقرأ إِن شِئْتَ: «مَدَارِك النَّظَر فِي السِّياسَة» لِمُؤَلِّفِه عَبْد المَالِك بِن أَحْمَد رَمَضَانِي الجَزَائِري، فَهُوَ خَيْرُ مَرْجِعٍ عَرفْتُهُ فِي بَابِه).

أَمَّا أَنَا: فَلا أَمْلِكُ إِلاَّ حُسْنَ الظَّنِّ بِنِيَّةِ أَخِي، مَهْمَا تَبَيَّنَ لِي مِن خَطَئِه فِي اختِيَارِ مَسْأَلَةِ رِسَالَتِه، وَخَطَئِه فِي مَنْهَجِ، وَنَتِيجَة دِراسَتِها، و«كُلّ ابن آدَم خَطَّاء، وَخَيْر الخَطَّائِينَ التَّوَّابون».

وَقَدْ بَدَا لِي خَطَؤه:

1 ـ فِي اختِيَار هَذِهِ الجُزْئِيَّة مِن الاعتِقَاد وَالانشِغَال بِها، لا عَن القَضَايَا الحَادِثَة؛ بَل عَن أَهَمّ أَمْرٍ فِي الاعتِقَاد أرْسَلَ اللَّهُ بِهِ كُلّ رُسُلِه: إِفْرَاد اللَّه بِالعِبَادَةِ، وَنَفْيِهَا عَمَّا سِوَاه، قَالَ اللَّه ـ تَعَالَى ـ: {وَلَقدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت}، وَقَالَ ـ تَعَالَى ـ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُون}.

وَأَكْثَرُ المُنْتَمِين إِلَى الإِسْلاَم ـ اليَوْم ـ يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللَّه بِصَرْف شَيْءٍ مِنَ العِبَادَةِ لِغَيْرِهِ، وَبِخَاصَّة: الدُّعَاءَ وَطَلَب المَدَدِ وَالذَّبْحَ والنَّذْرَ ـ وَنَحْوَهَا ـ.

أَمَّا الإِرْجَاء؛ فَهُوَ ـ لَوْ تَحَقَّق! ـ لا يَتَجَاوَزُ الخِلاَفَ بَيْنَ العُلَمَاء، أَوْ طُلاَّب العِلْم الكِبَار، وَهُمْ الأَقَلُّونَ فِي الأُمَّة، وَقَدْ لا يَتَجَاوَزُ الخِلافَ اللَّفْظِيَّ إِذَا اتُّهِمَ بِهِ الدُّعَاةُ إِلى التَّوْحِيد وَالسُّنَّة ـ كَمَا فَهِمْتُ مِنْ ردّ ابنِ تَيْمِيَّةَ التُّهْمَةَ عَنِ الإِمَام أَبِي حَنِيفَة وَأَمْثَالِهِ ـ رَحِمَهُم اللَّه جَمِيعاً ـ.

وَهُوَ ـ فِي هَذَا العَصْر ـ سِلاحٌ يُهَوِّشُ بِهِ أَهْلُ التَّكْفِير، وَيُخَوِّفُونَ بِهِ مَنْ يُخَالِفُهُم مِنْ دُعَاةِ الأُمَّةِ الوَسَطِ.

هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ مُتَابَعَةِ الأَمْر، وَاللَّه أَعْلَم.

2 ـ أَمَّا مِنْهَاجُ (الدِّرَاسَة)، وَنَتِيجَتُها: فَأُحِيلُ القارئ إِلَى مَنْ أَهَّلَهُ اللَّهُ لِتَقْوِيمِهِمَا: مُحَدِّثِ العَصْرِ نَاصِر الدِّين الأَلْبَانِي، وَتِلمِيذِه عَلِي الحَلَبِي ـ الدَّاعِي إِلَى اللَّه عَلَى بَصِيرَة ـ (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا نَحْوُ مِئَتَيْ مُؤَلَّف، وَأَهَمُّ مِن العَدَد: التِزَامُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالوَحْيِ وَالفِقْهِ فِيهِ؛ إِذ أَعَاذَهُمَا اللَّهُ مِنَ الظَّنِّ وَمَصَادِرهِ ـ مِن الجَرايِد والمَجَلاَّت وَالإِذَاعَات وَالإِشَاعَات ـ، وَوَفَّقَهُمَا لِلأَخْذِ مِن نُصُوصِ الكِتَاب وَالسُّنَّةِ، بِفَهْمِ سَلَفِ الأُمَّةِ فِي القُرُونِ المُفَضَّلَة): إلى مؤلَّفهما «الدُّرَر المُتَلألِئَة» مِن تَعْلِيقَاتِ الأَلْبَاني (وَتَقْدِيم وَتَحْقِيق الحَلَبِي) عَلَى رِسَالَة سَفَر: «ظَاهِرَة الإِرْجَاء» ـ وَهُمَا مِنْ بِلاَد الشَّام المُبارَكَة ـ، وَ«مآخِذ مَنْهَجِيَّة عَلَى سَفَر الحَوَالِي» تَألِيف رَبِيع المَدْخَلِي ـ مِنْ مَكَّة المُبَارَكَة ـ، وَ«تَنْبِيهَات عَلَى كِتَاب (ظَاهِرَة الإِرْجَاء)» تأليف أنِيس المَصْعَبِيّ ـ مِن الإِمَارَات ـ، وَ«حِوَار مَع الحَوَالِي فِي كِتَابِه (ظَاهِرَة الإِرْجَاء)» تألِيف عَبْد العَزِيز الريِّس ـ مِن الرِّيَاض ـ وَهُوَ مِن أَجْوَد مَا قَرَأْتُ مِنْ حَيْثُ الإِيجَازُ وَالشُّمُولُ ـ، وَ «رَدٌّ عَلَى سَفَر» لِكُلٍّ مِن يَاسِر برهَامِي ـ مِن مِصْر ـ، وَهِشَام لَكْصَاص ـ مِن الجَزَائِر ـ.

وَعَدَدٌ مِنَ التَّعْقِيبَات يُمْكِنُ أَخْذُهَا مِن (شَبَكَةِ الاتِّصَالات العَالَميَّة).

3 ـ وَفِي الشَّبَكَة ـ نَفْسِهَا ـ بِضْعَةُ كُتُبٍ لِسَفَر الحَوَالِي؛ أَكْبَرُها رِسَالَتُهُ فِي «الإِرْجَاء» مُجَلَّدَان، وَ «العِلْمَانِيَّة» مُجَلَّد، إِضَافَةً إِلَى قَصِيدَة وَخِطَاب وَبَيَان وَنِدَاء وَرَدٍّ وَحِوَار!!! إلخ.

وَيَغْلِبُ عَلَيْهَا ـ جَمِيعاً ـ الفِكْرُ، وَمَرْجِعُهَا الظَّنّ، عَدَا رِسَالَتِهِ المُوجَزَةِ عَنْ «عَقِيدَةِ الأشَاعِرَة» ـ كَمَا أشَرْتُ ـ فَهِيَ وَحْدَها ـ مُتَمَيِّزَةً عَن كُلِّ مَا كَتَب ـ الأَقْرَبُ إِلَى الفِقْهِ وَالعَدْلِ وَالسُّنَّة، وَلَكِنَّهُ يَبْدُو غَيْرَ رَاضٍ عَنْهَا، وَلا آبِهٍ بِهَا، وَلا مُوَافِقٍ عَلى نَشْرِهَا!
وَلَهُ دَرْسٌ مُسَجَّلٌ بِعِنْوَان (الرَّدّ عَلَى الخُرَافِيِّين)، وَطُبِعَ أَخِيراً بِعِنْوَان: (مُجَدِّد مِلّة عَمْرو بن لُحَيّ) يَرُدُّ فِيهِ ضلالَ زَمِيلِه مُحَمَّد بن عَلَوِي المَالِكي، وَالمُتَصَوِّفَة عَامَّة، وَعِنْوَانُهُ وَمَوْضُوعُهُ ـ مِثل «عَقِيدَة الأشَاعِرَة» ـ نَادِرٌ بَيْنَ كُتُبِهِ وَدُرُوسِهِ ـ بُعْداً عَنِ الفِكْر وَالظَّنِّ، وَقُرْباً مِن السُّنَّةِ وَاليَقِين ـ، وَلَكِنَّهُ مُرْتَجَلٌ وَرَكِيك!

وَقَدْ فَشِلْتُ فِي مُحاوَلَتِي إِعْدَادَهُ للطَّبْعِ، فَطَلَبْتُ مِن إِحْسَان عَايِش (!) إِعَانَتِي ـ لِمَعْرِفَتِي بِمَيْلِه إلَى سَفَر ـ، وَحَاوَلَ، فَفَشِلَ!

وَكَما قُلْتُ مِنْ قَبْل: كَفَانِي مِنْ سَفَر تميُّزُه بَيْنَ الفِكْرِيِّين باتِّخَاذ كِتَاب «الطَّحَاوِيَّة» ـ بَلْ «شَرْحه» لابنِ أَبِي العِزّ الحَنَفِي ـ إِطَاراً أَوْ وِعاءً ـ أَوْ عَلَى الأَقَلّ عنْوَاناً ـ لِدَرْسِهِ الثَّابِت فِي جُدَّة ـ كَمَا كَان (حَافِظ بُرْهَان بُخَارِي) ـ خَتَمَ اللَّهُ لَهُ بِالحُسْنَى ـ يَتَّخِذ كِتَاب «فَتْح المَجِيد» إِطَاراً وَوِعَاءً وَسِياجاً لِدَرْسِهِ الثَّابِت فِي المَسْجِد الحَرَام، حَتَّى أَقْعَدَهُ الكِبَرُ عَنْهُ ـ غَيْرَ مُبَدِّل وَلا مُغَيِّر ـ، قُدْوَةً صَالِحَةً نَادِرَةً لِدُعَاةِ السُّنَّة.

وَفِي نِهَايَة العَقْد الأَوَّل مِن القَرْنِ الخَامِسَ عَشَرَ: سَمِعْتُ أَوَّلَ أَشْرِطَة سَفَر فِي التَّحْلِيلاَت السِّياسِيَّة، وَفِقْه ـ بَلْ فِكْر ـ الوَاقِع ـ المَبْنِيّ عَلى الخَرْص وَمُنَافَسَتِهِ وَسَائِلَ الإِعْلام ـ فِي مُحَاوَلَةِ السَّبْقِ بِالخَبَر، دُونَ كَبِيرِ اهتِمَام بِصِدْقِهِ أَوْ كذبِه، خَيْرِهِ أَوْ شَرِّه! في مُخالَفَة صَرِيحَة للآيَة المُحْكَمَة: {وَإِذَا جَاءَهُم أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلى الرَّسُول وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُم لَعَلِمَهُ الَّذِين يَسْتَنْبِطُونَه مِنْهُم}، وَأَدْنَى أُولِي الأَمْر ـ بَلِ الصَّحَفِيُّون! ـ أَوْلى بِمَعْرِفَةِ حَقيقَة الخَبَرِ مِن طُلاَّبِ العلْم الشَّرْعِيّ؛ لِتَخَصُّصِهِم فِيهِ، وَمُمَارَسَتِهِم لَه.

ظَنَّ ـ وَأَخْطَأَ ـ سَفَرٌ ـ فِي أُولى مُحَاوَلاتِهِ التَّحْلِيلِيَّة الإِعْلاَمِيَّة! ـ أَنَّ القَادَةَ الشُّيُوعِيِّين تَظَاهَرُوا بِتَفَتُّتِ الاتِّحَاد السُّوفيِيتي لِيَسْتَطِيعُوا نَشْرَ الشُّيُوعِيَّةِ خَارِجَ حُدودِها (وَراء السِّتَار الحَدِيدي)!

وَغَفَلَ عَنْ أَنَّ الاتِّحَادَ السُّوفييتي هُوَ الَّذي بَنى جِدَارَ بَرْلِين ـ رَمْزَ السِّتَار الحَدِيدِي ـ (الاصطِلاح الدِّعَائِي الَّذِي أَطْلَقَهُ تشرشل أو غَيْره بَعْد بِنَاء الجِدَار!)!

كَانَ المُتَابِعُونَ لِدُرُوسِ سَفَر ـ فِي عَهْدِهِ الأَقْرَب إِلَى الفِقْه ـ لا يَتَجَاوَزُونَ عَدَد الأصَابِع؛ فَالفِقْهُ في الدِّين لا يَجْذِبُ الأَكْثَرِينَ (!) الباحِثينَ عَن دُرُوسِ التَّسْلِيَةِ مِنَ الشِّعْر والقصَص وَالفَكَاهَة والتَّهْرِيج وَالتَّهْيِيج! أَوْ مِنَ الرَّقائِق! أَمَّا فِي عَهْدِهِ الأَقْرَب إلى الفِكْر: فَقَدْ بَدَأَ الشَّبَاب يَتَسَابَقُونَ لِسَمَاعِ دَرْسِهِ، وَكَأَنَّمَا كَان لِسَانُ حَالِهِم يَقُول: {رَبّنا استَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْض}!

وَجَاءَتْ فِتْنَةُ احتِلاَل العِرَاقِ الكُويتَ، واحتلّ الفِكْرُ والظَّنُّ والعَاطِفَةُ دُرُوسَ سَفَرْ احتِلالاً كَامِلاً ـ بِمَا فِي ذَلِكَ «شَرْح الطَّحاوِيَّة»! ـ، وَبَدأ يَنْقُضُ غَزْلَه؛ فَصَارَ التَّحَزُّبُ مَقْبُولاً بَعْدَ أَنْ كَانَ مَرْذُولاً، وَصَارَت (المُعْتَزِلَةُ وَالخَوَارِجُ والرَّافِضَةُ مَأمُونَةً عَلَى الدَّعْوةِ إِلَى الإِسْلاَم؛ لأَنَّ مِيزتَها أَنَّها نَبَعَتْ مِن دَاخِلِ الأُمَّة!)، وَصَارَ مُحَمَّد عمارَة وَفَهْمِي هويدِي ـ وَأَمْثَالُهمَا ـ أَهْلاً لِخِدْمَةِ الحَقِّ وَالعَدْل (مَعْ سَفَر) فِي (الحَمْلَة العَالَمِيَّة لِمُقاوَمَة العُدْوَان!) بَعْد أَنْ كَانَ يَحْكُم عَلَيْهِم بِـ (العدوان) عَلَى الإِسْلاَم (بِإِنْكَار السُّنَّة، وَتَحْرِيف ـ وَتَأوِيل وَتَطْوِيع ـ الإسْلاَم لِلفِكْر الغَرْبِيٍّ، وَالتَّقْريب بَيْن الأَدْيَان، وَتَبْدِيل أُصُول الفِقْه فِي الدِّين، وَإِخْضَاع المُعامَلات الشَّرْعِيَّة لِلتطَوُّر العَصْري، وَتَتَبُّع الرُّخَص وَالآراء الشّاذّة، وَأنَّ هَدَفَهُم الهَدْم أَكْثَر مِن البِنَاء!)، ثُمّ تَغَيَّرَ رَأيَهُ فِيهِم بَعْد تَحَوُّلِهِ مِنَ الفِقْهِ إِلى الفِكْر!

وَلَمْ يَرْدَعْهُ خَطؤُهُ ـ فِي فَهْمِ (وَاقِعِ) التَّفَتُّتُ السُّوفييتي ـ بَعْدَ أَنْ فَضَحَتْهُ مُحَاوَلَةُ القَادَة الشُّيُوعِيِّين الثَّوْرَةَ عَلَى (كُوربَاتشُوف)، وَدُعَاة الدِّيمُوقْرَاطِيَّة!

فَوَقَعَ مَرّةً أُخْرَى! ـ بَلْ مَرَّات ـ فِي خَطَأِ فَهْمِ (وَاقِع) اشتِرَاك القُوَّات الدّوْلِيَّة فِي تَحْرِيرِ الكُوِيت؛ فَظَنَّ أَنَّها (جَاءَت لِتَنْفِيذِ خُطَّة مُبَيَّتَة لاحتِلاَل وَتَنْصِيرِ جَزِيرَة العَرَب!)، وَأَنَّ هَذِهِ القُوَّات (لَنْ تَضْرب العِرَاق!)، وَأَنَّها (لَنْ تَخْرُجَ مِنَ الجَزِيرَة!) مُسْتَدِلاًّ بِمَا نَقَلَتْهُ جَرِيدَةٌ أَمْرِيكِيَّةٌ عَنْ تَصْرِيح لأَحَد مُوَظَّفِي وزارَة الدِّفَاع الأَمْرِيكِيَّة، وَأَنَّ تَحْرِيرَ الكُوِيت يَحْتَاجُ إِلَى استِمْرَار الحَرْب بِضْعَ سِنين! وَغَفَلَ عَنْ تَعَاوُن أَمْرِيكَا مَع المَنْطِقَة ـ مُنْذ عُقُودٍ ـ بِلا احتِلاَل وَلا تَنْصِير!

صَارَت الجَرَايِدُ العَرَبِيَّةُ والغَرْبِيَّةُ مِنْ أَهَمّ مَصَادِرِه وَمَرَاجِعِه لِلفِكْر الوَاقِع، بَعْدَ أَنْ كَانَ يَصِفُ العَرَبِيّةَ مِنْهَا بِأَنَّهَا ذَيْلٌ لِلإِعْلاَم الغَرْبِيِّ الضَّال! فَتَكَلَّم ـ مَثَلاً ـ عَنْ تَقْريرٍ سِرِّيٍّ عَسْكَرِيٍّ بَلَغَهُ بِطَرِيقٍ مُتَوَاتِرٍ (عَنْ جَرِيدَة المَدِينَة، عَنْ جَرِيدَة القُدْس ـ فِي لَنْدَن ـ!)، وَلا أَعْرِفُ أَكْذَبَ مِن جَرِيدَة القُدْس ـ!

قُلْتُ لِسَفَر ـ أَثْنَاء الفِتْنَة ـ: أَلا تَعْلَمُ أَنَّ أَمْرِيكَا تُحَرِّمُ تَعْلِيمَ الإنْجِيل فِي المَدَارِس العَامَّة مُنْذُ عَشَرَات السِّنِين، وَتَمْنَعُ إِعَانَةَ المَدَارِس الخَاصَّة الَّتِي تُعَلِّمُه؟! وَكأَنَّهُ فُوجئَ بِهَذَا الخَبَر الَّذِي لَمْ يَتَضَمَّنْهُ فِكْرُهُ الوَاقِعُ!! وَلَكِنَّهُ جَادَلَ بِأَنَّ (كَارْتَر) كَانَ مُتَدَيِّناً! وَهَذِهِ إشَارَةٌ أُخْرَى إِلَى ضَعْفِهِ فِي الفِكْرِ الوَاقِع؛ فَإِنَّ أَمْرِيكا وَأُوروبّا تُديرُهَا المُؤَسَّسَاتُ، لا الأَفْرَادُ؛ فَلا تَأثِيرَ يُذْكَرُ لِتَدَيُّن الرَّئِيس أو عَدَمِه، إِذْ إِنَّ العَلْمَانِيَّة هِيَ المُسَيْطِرَة، وَهِيَ تَنْفِي الدِّينَ عَنِ الحُكْم!

وَضَرَبَ (عَبْدُ المَالِك رَمَضَانِي) مَثَلاً لِجَهْلِ مُدَّعِي (فِقْهِ الوَاقِع) بِالوَاقِعِ: بِحُكْمِ سَفَر عَلَى أَحْدَاثِ الجَزَائِر، مَع اعتِرَافِهِ بِأَنَّهُ (لا يَعْرِفُ الكَثِير عَنْ جَبْهَةِ الإِنْقَاذ، وَلا يَعْرِفُ وَلَمْ يُقَابِلْ وَلَمْ يَرَ قَائِدَيْهَا!)، وَثَبَتَ مِن كَلامِهِ أَنَّهُ لا يَفْقَهُ وَاقِعَ جَبْهَة التَّحْرِير الحَاكِمَة ـ أَيْضاً ـ، فَقَدْ وَصَفَهَا بالاشتِراكِيَّة ـ بَعْد أَنْ تَخَلَّت عَنْهَا بِبِضْعِ سِنِين! وَاسْتَعَاضَتْ عَنْهَا بِالدِّيمقْرَاطِيَّة الغَرْبِيَّة! ـ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الدُّسْتُور نَصَّ عَلَى أَنَّ الجَبْهَة حِزْب علْمَانِيّ! وَلا نَصّ فِي الدُّسْتور بِذَلِك «مَدَارِك النَّظَرْ فِي السَّياسَة» (ص403 ـ 404).

وَبِانصِرافِهِ عَن الفِقْه إِلى الفِكْر خَلَطَ بَيْن التَّعَاوُن مَعْ غَيْر المُسْلِم، وَالوَلاَءِ لَهُ؛ وَقَدْ شَرَعَ اللَّهُ التَّعَاوُنَ وَالمُعَامَلَةَ بِالحُسْنَى مَعْ غَيْر المُسْلِم، وَحَرَّم الوَلاَءَ إِلاَّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِه وَلِلمُؤمِنِين، وَدَخَلَ النَّبِيّ ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم ـ فِي جِواَرِ المُطْعِم بن عَدِيّ وَهُوَ مُشْرِكٌ، وَعَامَلَ المُشْرِكين وَاليَهُود (الأشَدّ عَدَاوَةً) بِالبَيْع وَالهَدِيَّة والعارِيَّة وَالرَّهْن وَالإِجَارَة، وَأَشْهَرُها وَأَوْثَقُهَا مُزَارَعَتُهُ اليَهُودَ فِي خَيْبَر (وَهُم الحَرْبِيُّون الَّذِينَ نَقَضُوا عَهْدَهُم لَهُ فِي كُلِّ مَرَّة)، وَلَكِنَّهُ لَمْ يُوالِ أَحَداً مِنْهُم ـ وَحَاشَاه أَنْ يَفْعَل ذَلِك ـ.

وَبِسَبَب الخَلْط بَيْنَ الوَلاَء والمُعَامَلَة، وَبِسَبَبِ دَعْوَى فِقْه ـ أَوْ فِكْر ـ الوَاقِع: وَقَع سَفَر (وَمِثْلُهُ مَن دُونَه مِنْ مُفَكِّرِي الوَاقِع الخَيَالي!) فِي عِرْضِ وُلاَةِ أَمْرِ المُسْلِمِين مِنَ الأُمَراءِ وَالعُلَمَاء؛ فَاتَّهَم دَوْلَةَ التَّوْحِيد وَالسُّنَّة (بِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهَا مِنَ الحُكْمِ بِشَرْعِ اللَّه إِلاَّ مَا يُسَمَّى: الأَحْوَالَ الشَّخْصِيَّة! وَبَعْضَ الحُدُود لِلأَغْرَاضِ الأَمْنِيَّة!)، وَغَفَلَ عَنِ التِزَام المَمْلَكَةِ المُبَارَكَةِ بِأَهَمّ الأَحْكَام الشَّرْعِيَّة: إِفْرَاد اللَّه بِالعِبادَة، وَنَفْيِها عَمّا سِوَاه؛ فَلَيْسَ فِيهَا مَسْجِدٌ وَاحِدٌ بُنِيَ عَلَى قَبْرِ نَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ مُنْذُ هَدَمَتْ ـ فِي المَرْحَلَة الأُولَى وَالثَّالِثَة ـ كُلَّ مَا حَمَتْهُ دُوَلُ المُسْلِمِين ـ مُنْـذ الفَاطِمِيِّين حَتَّى نِهَايَـة العُثْمَانِيِّين ـ مِن أَوْثَان الأَضْرِحَة، وَالمَقَامَات، وَالمَزَارَات، وَالمَشَاهِد.

وَغَفَلَ عَنْ نَشْرِهَا السُّنَّةَ، وَمُحَارَبَتِهَا لِلبِدَع وَالمَعَاصِي، فَلا يُوجَد فِيهَا زَاوِيَةٌ صُوفِيَّةٌ، وَلا تَقُومُ فِي مَسَاجِدِهَا بِدْعَةٌ وَاحِدَة، وَلا يُجَاهَرُ فِي أَسْوَاقِهَا بِخَمْرٍ وَلا خِنْزِيرٍ وَلا مُخَدِّرٍ وَلا فَاحِشَة.

وَجَمِيعُ أَحْكَامِهَا فِي الاعتِقَاد وَالعِبادَات ـ وَأَكْثَرِ المُعَامَلاَتِ ـ قَائِمٌ عَلَى شَرْعِ اللَّه، وَلَكِنَّهُ انْسَاقَ وَرَاءَ الحِزْبِيِّين وَالحَرَكِيِّين الَّذِين لا يُقِيمونَ للاعتِقَادِ وَالسُّنَّةِ وَزْناً.

وَاتَّهَمَ كِبَارَ أَئِمَّة الدِّين وَفُقَهاء الأُمَّة بِأَنَّهُم (يُجَامِلُونَ فِي الدِّين، وَأَنَّهُم بَلَغُوا فِي السِّنِّ إلى مَرْحَلَة..!)، وَأَتَمَّهَا أَحَدُ الخَارِجين عَلَى الجَمَاعَة (اللاجِئين إلى إنكِلْترا!) بِكَلِمَةِ: (الخَرَف)!! هَدَاهُم اللَّه، وَكَفَى الإِسْلاَمَ وَالمُسْلِمِينَ شَرّ فِكْرِهِم الوَاقِع.

وَكَتَبْتُ لِسَفَر بِتَارِيخ: 24/11/1411، ثُمّ بِتَارِيخ: 13/12/1414، ثُمّ بِتَارِيخ: 17/5/1420، وَزُرْتُهُ مَرَّتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، وَحَاوَلْتُ مَرّةً ثَالِثَة ـ فَلَمْ أَلْقَهُ فِي أَيٍّ مِنْهَا! ـ لِتَذْكِيرِه بِفَرْحَتِي لِمَا كَانَ عَلَيْه، وأَسَايَ لِمَا وَصَل إِلَيْه، وَأَمَلِي فِي رُجُوعِهِ إِلَى الحَقّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ مِنْ خَطَئِه، وَخَطَأِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ بِسَبَبِهِ...

حَتَّى قَرَّرَتْ (بِالإِجْمَاع) هَيْئَةُ كِبَار العُلَمَاء ـ بَعْد اطِّلاعِهَا عَلى رِسَالَتِه: (وَعْد كِيسنْجَر)، وَدُرُوسِه (وَدُرُوسِ مُخَالِفِه مِنْ قَبْل، مُوَافِقِهِ مِن بَعْد سَلْمَان العَوْدَة!) ـ فِي الثَّلاثَةِ أشْهُرٍ الأُولَى مِن عَام 1414 إِلى الطَّلَب مِن وُلاَةِ الأَمْر: (مُواجَهَتِهِمَا بِأخْطَائِهِمَا مِنْ قِبَل لَجْنَةِ حُكُومِيَّة تَضُمُّ اثْنَيْن مِن أَهْلِ العِلْم: فإِنِ اعْتَذَرا، وَالتَزَما بِعَدَم العَوْدَةِ إلى مِثْلِهَا فَالحَمْدُ لِلَّه، وَإِنْ أصَرَّا مُنِعَا مِنَ الخُطَبِ وَالدُّرُوس العامَّة وَالتَّسْجِيلاَت حِمَايَةً لِلمُجْتَمَع مِن أَخْطَائِهِمَا) (دورة 41).

هَدَى اللَّهُ الجَمِيعَ لِلثَّبَات عَلَى اليَقِين مِنَ الوَحْيِ وَالفِقْهِ، وَجَنَّبَهُمْ ظَنّ الفِكْر وَإِثْمَه.

وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّم وَبَارَكَ عَلَى نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ، وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.

وَآخِرُ دَعْوانا أَنِ الحَمْدُ لِلّه رَبِّ العالَمين.

12/12/1425هـ
سعد الحصيِّن

Upcoming 2021 Nike Dunk Release Dates - nike tiempo ii jersey green black friday specials - CopperbridgemediaShops | Sneakers Nike Shoes

الأقسام الرئيسية: