يرى ابن تيمية رحمه الله أنّ من مصلحة الدعوة أنك تتنازل عن سنة ولا تتشدد فيها حتى تتجاوز مرحلة يمكن أن يقبلوا منك تطبيق هذه السنة - رحمه الله - .
وقد يضرب مثلا لهذا : أن الرسول عليه الصلاة والسلام ترك هدم الكعبة لأجل المصلحة ودرء المفسدة عليه الصلاة والسلام؛ هذا أمر مطلوب ومع ذلك لدفع المفاسد التي تترتب على هدمها وبنائها؛ يعني الرسول عليه الصلاة والسلام قال لعائشة : ( يا عَائِشَةُ لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِشِرْكٍ لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ فَأَلْزَقْتُهَا بِالْأَرْضِ وَجَعَلْتُ لها بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا وَزِدْتُ فيها سِتَّةَ أَذْرُعٍ من الْحِجْرِ فإن قُرَيْشًا اقْتَصَـرَتْهَا حَيْثُ بَنَتْ الْكَعْبَةَ ).
ففقه الحديث أننا إذا رأينا عملا من السنن يترتب عليه مفسدة حتى لو كان واجبا؛ كالأمر بالمعروف؛ الأمر بالمعروف واجب وأصل من أصول الإسلام؛ إذا كان نهيك عن هذا المنكر يؤدي إلى مفسدة أعظم فلا يجوز لك أن تنكر لأنه يؤدي إلى مفسدة أعظم .
الشاهد : أن الدعوة تحتاج إلى حكمة وتحتاج إلى علم : ( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ولهذا الله سبحانه وتعالى تدرج بالأمة في التشريع؛ ما حرم الخمر إلا في الأخير وتدرج في تحريمه، وما حرم الربا إلا في الأخير، فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية : الداعية إلى الله في بلد فاسد لا مانع أن يتدرج؛ يتدرج في الدعوة، لا يأتي بالإسلام كله يصبّه على شعب منحرف .
لا تأتي إلى شعب رافضي، شعب صوفي غال في القبورية، وتطالبهم بالسنن وهم واقعون في الضلالات والشركيات ! ابدأ بالدعوة إلى التوحيد وإقامة الواجبات، وإذا عندهم مخالفات في السنن؛ بعدما تقطع هذه المراحل ادخل في تعليمهم السنن .
.....................
أخرجه مسلم برقم: ( 1333)