مقبل بن هادى الوادعى

من مقبل بن هادي الوادعي إلي أخيه في الله الشيخ العلامة ، والمؤرخ الفهامة ، الحبيب الكريم المفضال ، محمد بن علي الكوع حفظه الله .

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بعد التحية :

فمراحباً بك وبرسالتك العزيزة ، ولقد طلب مني والله هذا المطلب غير واحد ، وأما طلهم ، وأعتذر لكثرة شواغلي ، وأيضاً لا أحب نشر ذلك ، ولكن الشيخ محمد ذلك الذي محادثته أحلي من العسل ، له مودة في قلبي ، لا أستطيع أن أعصي له أمراً .

فأنا من وادعة التي هي شرق صعدة من وادي دماج ، وقد وصفتم – حفظكم الله – وادي دماج في بعض تعليقاتكم أظنه علي " صفة جزيرة العرب " وبساتينه وأشجاره وخضرته بما فيه كفاية ، ولعل الله ييسر لكم زيارة طلبة العلم بدماج وترون إن شاء الله ما يسركم .

وأنا مقبل بن هادي بن مقبل بن قائدة الهمداني الوادعي الخلالي ، من فبيلة آل راشد . وشيباتنا يقولون : إن وادعة من بكيل ، وأنتم حفظكم الله أعرف بالأنساب مني ومنهم  ،لآن هذا فنكم الذي لا ينافسكم منافس فيه من المعاصرين .

قبيلة وادعة :

وادعة في بلاد شتي من البلاد اليمنية ، وأكبرها فيما أعلم الساكنون بلواء صعدة  فهم يسكنون بدماج شرقي صعدة ، وبصحوة في أعلي دماج تحت جبل براش . وبالدرب ، وآل حجاج ، والطلول بين شرقي صعدة وجنوبها. وبشمال صعدة الزور ، وآل نائل ، وآل رطاس ، والرزامات في وادي نشور . وبحاشد غربي الصنعانية ويسمون وادعة حاشد لأنهم يسكنون في بلاد حاشد حتى قال

بعضهم :

ياواعة في وسط حاشد                  *                      إيش أمنش يا بكيلية

قال :  أمنتنا بنادقنا                       *                      ضرب الزمر والفرنجية

ووادعة في نجران في أعلي وادي نجران ، ووادعة في ظهران الجنوب .وفي عام من الأعوام مر جمع من قبائلنا بمركز ( القرارة ) شمال مدينة ظهران المركز السعودي ، فلما سلموا جوازاتهم للمسئولين هنالك ونادوا بأسمائهم ،

قالوا : من كان وادعياً فليكن علي جنب . فتميز قبائلنا علي جنب ، وقالوا في أنفسهم : ماذا يريد هؤلاء منا ؟! فلما انتهوا بالنداء بالأسماء صافحهم الجنود هنالك ، وقالوا : نحن من وادعة ظهران ولابد من ضيافتكم ، فوعدهم أصحابنا عند الرجوع من الحج إن شاء الله ، وعند رجوعهم مروا بهم فأضافوهم وأكرموهم غاية الإكرام ، وكانوا بالأشةاق إلي التعرف علي وادعة صعدة فهي تعتبر الأم .

وقبائل وادعة كغيرهم من القبائل اليمنية التي لم تؤت حقها من التوعية الدينية ، وفيهم مجموعة طيبة قدر أربعين شاباً ملازمين للدروس سنذكر بعضهم إن شاء الله في جملة الطلاب .

وأني أحمد الله ، فغالب وادعة الذين هم بجوار صعدة يدافع عني وعن الدعوة بعضهم بدافع الدين ، وبعضهم بدافع التعصب القبلي ، ولولا الله ثم هم لما أبقي لنا أعداء الدعوة خصوصاً شيعة صعدة عيناً ولا أثراً .

وأذكر لهم مواقف أسأل الله أن يثيبهم عليها ويجزيهم خيراً :

منها : مضاربة شديدة في جامع الهادي ، بسبب صدي عن الدعوة فيه ، قيام معي رجال القبائل من وادعة وغيرهم حتى أنقذني الله علي أيديهم ، وكان الشيعة يريدون القضاء علي ، وكان ذلك في زمن الرئيس ( إبراهيم الحمدي ) وأهل الشر من شيوعيين وشيعة رافعون رءوسهم، فسجنونا مع بعض الطرف الآخر قدر أحد عشر يوماً في رمضان فكان يزورني في السجن في بعض الليالي قدر خمسين شاباً ، ويدخل إلي المسئولين في بعض الليالي قدر مائه وخمسين رجلاً من وادعة حتى أزعجوا المسئولين ، وأخرجونا من السجن ، والحمد لله .

ومنها : أن أعداء الدعوة ربما يأتون بالسلاح إلي دماج فيطردهم أهل دماج وهم صاغرون .

ومنها : الرحلات ، فإذا قلت : نريد رحلة . تنافسوا حفظهم الله في رفقتي والمحافظة علي فربما نخرج في بعض الرحلات في قدر خمس عشر سيارة .

وفي هذه الأيام الدعوة ماشية علي أحسن ما يرام لأني بحمد الله قد كبرت ، ولعلي أبلغ من العمر نحو اثنتين وستين سنة ، فالتجارب ونصائح محبي الدعوة تدفعاني علي الرفق وعدم مجاراة الأعداء الذين ليس لهم إلا السباب والشتائم )خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجهلين( ، )سلم عليكم لا نبتغي الجهلين( .

وأيضاً الشغل بالتعليم والتأليف والدعوة لم يبق لي وقتاً لمجاراة أولئك ، فليقولوا ما شاءوا فذنوبي كثيرة عسي أن يخفوا عني ويحملوا من أوزاري ، ولله در من

قال :

ما سلم الله من بريته                    *                      ولا نبي الهدي فكيف أنا

دراستي ومشايخي :

درست في الكتب حتى انتهيت من منهج المكتب ، ثم ضاع من العمر ما شاء الله في غير طلب علم ، لأنه ما كان هنالك من يرغب أو يساعد علي طلب العلم ، وكنت محباً لطلب العلم ، وطلبت العلم في ( جامع الهادي ) فلم أساعد علي طلب العلم ، وبعد زمن اعتربت إلي أرض الحرمين ونجد ، فكنت أسمع الواعظين ويعجبني وعظهم ، فاستنصحت بعض الواعظين ما هي الكتب المفيدة حتى أشتريها ؟ فأرشد إلي " صحيح البخاري " ، و"بلوغ المرام " ، و " رياض الصالحين " ، و " فتح المجيد شرح كتاب التوحيد " ، وأعطانب نسيخات من مقررات التوحيد ، وكنت حارساً في عمارة في الحجون بمكة ، فعكفت علي تلك الكتب ، وكانت تعلق بالذهن لأن العمل في بلدنا علي خلاف ما فيها ، خصوصاً " فتح المجيد " .

وبعد مدة من الزمن رجعت إلي بلدي أنكر كل ما رأيته يخالف ما في تلك الكتب من الذبح لغير الله ، وبناء القباب علي الأموات ، ونداء الأموات ، فبلغ الشيعة ذلك ، فأنكروا ما أنا عليه فقائل يقول منهم : من بدل دينه فاقتلوه ، ولآخر يرسل إلي أقربائي ويقول : إن لم تمنعوه فسنسجنه ، وبعد ذلك قرروا أن يدخلوني ( جامع الهادي ) من أجل الدراسة عندهم لإزالة الشبهات التي قد علقت بقلبي ، ويدندن بعضهم بقول الشاعر :

عرفت هواها قبل أن أعرف الهوى      *          فصــادف قلباً خالياً فتمكنا

وبعد ذلك دخلت للدراسة عندهم في جامع الهادي ، ومدير الدراسة القاضي ( مطهر حنش ) ، فدرست في " العقد الثمين " ، وفي " الثلاثين المسألة وشرحها " لحابس ، ومن الذين درسونا فيها ( محمد بن حسن المتميز ) وكنا في مسألة الرؤية فصار يسخر من ابن خزيمة وغيره من أئمة أهل السنة ، وأنا أكتم عقيدتي ، إلا أني ضعفت عن وضع اليد اليمني علي اليسري في الصلاة وأرسلت يدي ، ودرسنا في " متن الأزهار " إلي النكاح مفهوماً ومنطوقاً ، وفي شرح الفرائض كتاب ضخم فوق مستوانا فلم أستفد منه .

فلما رأيت الكتب المدرسة غير مفيدة ، حاشا النحو فإني درست عندهم " الآجرومية " و " قطر الندي " ، ثم طلبت من القاضي ( قاسم بن يحيي شويل ) أن يدرسني في " بلوغ المرام " وبدأنا فيه ، وأنكر علينا ذلك ثم تركنا ، فلما رأيت أن الكتب المقررة شيعية معتزلية قررت الإقبال علي النحو فدرست " قطر الندي " مراراً علي ( إسماعيل حطبة ) رحمه الله في المسجد الذي أسكن ويصلي فيه وكان يهتم بنا غاية الاهتمام ، وفي ذات مرة أتي إلي المسجد ( محمد بن حورية ) فنصحته أن يترك التنجيم فنصحهم أن يطردوني من الدراسة ، فشفعوا لي عنده وسكت ، وكان يمر بنا بعض الشيعة ونحن ندرس في " القطر " ويقول : ( قبيلي صبن غرارة ) بمعني أن التعليم لا يؤثر في وأنا أسكت وأستفيد في النحو .

حتى قامت الثورة وتركنا البلاد ونزلنا إلي نجرالن ولازمت ( أبا الحسين مجد الدين المؤيد ) واستفدت منه خصوصاً ف اللغة العربية ، ومكثت بنجران قدر سنتين ، فلما تأكدت أن الحرب بين الجمهورية والملكية لأجل الدنيا عزمت علي الرحلة إلي أرض الحرمين ونجد ، وسكنت بنجد قدر شهر ونصف في مدرسة تحفيظ القرأن التابعة للشيخ ( محمد بن سنان الحدائي ) حفظه الله ، ولقد كان مكرماً لي لما رأي من استفادتي وينصحني بالاستمرار مدة حتى يرسلني إلي ( الجامعة الإسلامية ) ، فتغير علي الجو بالريض ، وعزمت علي السفر إلي مكة  فكنت أشتغل إن وجدت شغلاً ، وأطلب العلم في الليل أحضر دروس الشيخ ( يحيي بن عثمان الباكستاني ) في " تفسير أبن كثير " ، والبخاري ، ومسلم .

وأطالع في الكتب والتقيت بشيخين فاضلين من علماء اليمن :

أحدهما : القاضي ( يحيي الأشول ) صاحب معمرة ، فكنت أدرس عنده في " سبل السلام " للصنعاني ويدرسني في أي شيء أطلب منه .

الثاني : الشيخ ( عبد الرازق الشاحذي المحويتي ) وكان أيضاً يدرسني فيما أطلب منه .

ثم فتح معهد الحرم المكي وتقدمت للاختبار مع مجموعة من طلبة العلم ، فنجحت والحمد لله .

وكان من أبرز مشايخنا فيه الشيخ ( عبد العزيز السبيل ) ، ودرست مع مجموعة من طلبة المعهد عند الشيخ ( عبد الله بن محمد بن حميد ) رحمه الله في " التحفة السينة " بعد العشاء في الحرم ، فكان رحمة الله يأتي بفوائد مفيدة من " شرح ابن عقيل " وغيره ، وكانت فوق مستوى زملائي فتملص زملائي ، فترك رحمه الله الدرس .

ودرست مع مجموعة من الطلاب عند الشيخ ( محمد السبيل ) حفظه الله شيئاً من الفرائض .

وبعد الاستقرار في المعهد خرجت للإتيان بأهلي من نجران فأتيت بهم وسكنا بمكة مدة الدراسة في المعهد ست سنين ، والدراسة في الحرم نفسه ز

وبركة دراسة المساجد معلومة ، ولا تسأل عن أنس وراحة كنا فيها ، وصدق الرسول  eإذ يقول : " وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدار سونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ، وحفتهم الملائكة ، وغشيتهم الرحمة ، وذكرهم الله فيمن عنده "

النهار في دراسة المعهد ، والدروس كلها تخدم العقيدة والدين ، ومن بعد  العصر إلي بعد العشاء في الحرم نشرب من ماء زمزم الذي قال النبي e فيه :  " إنه طعام طعم وشفاء سقم " . ونسمع من الواعظين القادمين من الآفاق لأداء حج أو عمرة .

ومن المدرسين في الحرم بين مغرب وعشاء الشيخ ( عبد العزيز بن راشد النجدي ) صاحب " تيسير الوحيين في الاقتصار علي القرآن والصحيحين " وله فيه أخطاء لا نوافقه عليها ، وكان رحمة الله يقول : الصحيح في غير الصحيحين يعد علي الأصابع ، فبقيت كلمته في ذهني منكراً لها حتى عزمت علي تأليف " الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين " فازددت يقيناً ببطلان كلامه رحمه الله .

وكان رحمه الله رجل التوحيد ، وله معرفة قوية بعلم الحديث ، ومعرفة صحيحة من سقيمه ، ومعلومه من سليمة ، ويعجبني فيه أنه ينفر عن التقليد حتي إنه ألف رسالة بعنوان " الطواغيت المقنعة " ، فظن بعض العلماء لمناقشة فقالوا : أنت عنيتنا بهذا وعنيت الحكومة ؟ فقال : إن كنتم ترون أنكم ترون أنكم متصفون بالصفات التي ذكرت في الكتاب فهو يشملكم ، وإن كنتم ترون أنكم لستم متصفين بالصفات التي ذكرت في الكتاب فهو لا يشملكم . ثم منع الكتاب من الدخول إلي المملكة ، أفادني بذلك .

وفي ذات ليلة طلب منه أن يلقي درساً وكأنه لا ختباره ، فبدأ درسه بقوله تعالي : ) اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون ( وسرد من الآيات التي تدل علي تحريم التقليد ، وبعض أفاضل العلماء عند الكرسي ، وبعد ذلك منع من التدريس في الحرم ، والله المستعان .

ومن مشايخي في الحرم المكي الذين استفدت منهم الشيخ ( محمد بن عبد الله الصومالي ) فقد حضرت عنه نحو سبعة أشهر أو أكثر ، وكان رحمه الله آية في معرفة رجال الشيخين ، ومنه استفدت كثيراً في علم الحديث ، علي أني بحمد ربي من ابتدائي في الطلب لا أحب إلا علم الكتاب والسنة .

وبعد الانتهاء من معهد الحرم من المتوسط والثانوية ، وكل الدروس دينية ، انتقلنا إلي المدينة إلي الجامعة الإسلامية ، فحول أكثرنا إلي كلية الدعوة وأصول الدين ، وأبرز من درسنا فيها الشيخ ( السيد محمد الحكيم ) والشيخ ( محمود عبد الوهاب فائد ) المصريان .

وعند أن جاءت العطلة خشيت من ذهاب الوقت وضياعه فانتسبت في كلية الشريعة ، لأمرين : أحدهما : التزود من العلم. الثاني : أن الدروس متقاربة وبعضها متحدة ، فهي تعتبر مراجعة لما درسناه في كلية الدعوة . وانتهيت بحمد الله من الكليتين ، وأعطيت شهادتين ، وأنا بحمد الله لا أبالي بالشهادات ، المعتبرة عندي هو العلم .

وفي عام انتهائنا من الكليتين فتحت في الجامعة دراسة عالية ما يسمونه بالماجستير ، فتقدمت لاختبار المقابلة ونجحت بحمد الله وهي تخصص في علم الحديث ، وبحمد الله حصلت الفائدة التي أحبها ، وكان أبرز من درسنا الشيخ ( محمد الأمين المصري ) رحمة الله ، والشيخ ( السيد محمد الحكيم المصري ) وفي آخرها الشيخ (حماد بن محمد الأنصاري ) وكنت أحضر بعض الليالي درس الشيخ ( عبد العزيز بن باز ) في الحرم المدني في " صحيح مسلم " ، وأحضر كذلك مع الشيخ ( الألباني ) في جلساته الخاصة بطلبة العلم للاستفادة .

ومنذ كنت في الحرم المكي وأنا أدرس بعض طلبة العلم في " قطر الندي " وفي " التحفة السنية " ، وعند أن كنت بالمدينة كنت بالمدينة كنت أدرس بعض إخزاني في الحرم المدني في " التحفة السنية " ثم وعدت إخواني في الله بدروس في بيتي بعد العصر في "جامع الترمذي " ، و " قطر الندي " ، و " الباعث الحثيث "  وانتشرت دعوة كبيرة من المدينة ملأت الدنيا في مدة ست سنوات ، بعض أهل الخير هم الذين يسعون في تمويلها ، و( مقبل بن هادي ) وبعض إخوانه في الله هم الذين يقومون بتعليم إخوانهم ، وأما الرحلات للدعوة إلي الله في جميع أنحاء المملكة فمشتركة بين الإخوان كلهم ، طالب العلم للتزود من العلم ولإفادة الآخرين ، والعامي للتعلم ، حتى استفاد كثير من العامة وأحبوا الدعوة .

وكان بعض إخواننا في الله طلبة العلم إمام مسجد في الرياض فأنكر عليه بعض أهل العلم السترة ، فقال : عجزنا فيكم فو الله لا يقوم إلا عامي يعلمكم أحاديث السترة . فدعا أخاً من محبي الدعوة من العامة وحفظه أحاديث السترة من " الؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان " ، وقام وألقي تلكم الحاديث ،وبعدها خجل المعارضون وسكتوا .

وبعد هذا تحرك المقلدة وعلماء السوء ، وكان السبب في تحرك المقلدة الذين هم في نظر الناس علماء أنهم إذا التقوا بطالب علم صغير من طلابنا واستدلوا بحديث قال لهم : من أخرجه ؟ وهذا شيء ما ألفوه ، ثم يقول لهم : ما حال الحديث ؟وهذا أيضاً ما ألفوه ، فخجلوهم أمام العامة ، وربما قال لهم الطالب : هذا حديث ضعيف في سنده فلان ، وضعفه فلان ، فضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، وأشاعوا أن هؤلاء خوارج ، وحاشا الأخوة من الخوارج الذين يستحلون دماء المسلمين ويكفرون بالمعصية .

وكانت تحدث السقطات من بعض الأخوة المبتدئين ؛ لأن الغالب علي المبتدئ الحماسة الزائدة – وكنت آنذاك أحضر رسالة الماجستير – فما شعرنا ذات ليلة إلا بالقبض علينا ، فقبضوا علي نحو مائة وخمسين وهرب من هرب ، وأرتجت الدنيا بين منكر ومؤيد ، فبقينا في السجن نحو شهر أو شهر ونصف وبعدها خرجنا الله أبرياء .

ثم بعد هذا خرجت بعض رسائل ( جهيمان ) فقبض علي مجموعة منا ، وعند التحقيق قالوا لي : أنت الذي كتبتها ، جهيمان لا يستطيع أن يكتب . فنفيت ذلك  والله يعلم أني لم أكتبها ولم أشارك فيها ، وبعد سجن ثلاثة أشهر أمر بترحيل الغرباء .

ولما وصلت إلي اليمن عدت إلي قريتي ومكثت بها أعلم الأولاد القرآن ، فما شعرت إلا بتكالب الدنيا علي ، فكأني خرجت لخراب البلاد والدين والحكم ، وأنا آنذاك لا أعرف مسئولاً ولا شيخ قبيلة ، فأقول : حسبي الله ونعم الوكيل ، وإذا ضقت ذهبت إلي صنعاء أو إلي حاشد ، أو إلي ذمار ، وهكذا إلي تعز ، وإب ، والحديدة ، دعوة وزيارة للإخوان في الله .

وبعد أيام أخرج بعض فاعلي الخير مكتبتي من المدينة ، فطلب منه خمسمائة ريال سعودى في مركز ( كدم ) ، وكان المسئول عنه ( المشرقي ) فأبي ، يظنها رشوة ، وهو لا يدرى أنها رشوة في حقهم ، وأما هو فليست برشوة ، لأن الرشوة ما أعطي لإحقاق باطل ، أو لإبطال حق .

فأرسلوا بالكتب أصحابنا فقال : إن شاء الله بعد الظهر ، وما جاء بعد الظهر إلا وقد حرك الشيعة ، فطلبوا من المسئولين توقيفها لأنها كتب وهابية . ولا تسأل عن الغرامة المالية ، والمتاعب ، والضيم التي حصلت لي .إخوان بذلوا جهوداً في متابعة ذلك ، كثير من أهل بلدي ، ( الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر ) ، ( الشيخ هزاع ضبعان ) ، المسئولون في مكتب التوجيه والإرشاد منهم القاضي ( يحي الفسيل ) رحمه الله ، الأخ ( عائض بن علي مسمار ) ، وبعد متاعب طويلة أبرق أهل صعدة إلي الرئيس ( علي بن عبد الله بن صالح ) فأحال القضية إلي القاضي ( علي السمان ) فأرسل إلي القاضي ووعد أنه سيسلم المكتبة وقال : إن أهل صعدة متشددون ، فهم يكفرون علماء صنعاء . فطلبت المكتبة إلي صنعاء ، وقدر أن وصلت الكتب والقاضي ( علي السمان ) في بعثه إلي الخارج ، فذهب الإخوة إلي المسئول في وزارة الأوقاف فقال لهم : إنها مصاطرة – بالطاء - . وتحرك بعض إخواننا في الله من مكتب التوجيه والإرشاد وذهبوا واستلموها ، وقالوا : هي من اختصاصنا ، فنحن ننظرها فما كان صالحاً سلمناه للوادعي ، وما كان يخل بالدين أبقيناه عندنا ، وبما أنهم يعرفون أنها كتب دينية محضة فقد سلموها لي من غير تفتيش ، فجزاهم الله خيراص ، فأخذتها إلي البلاد والحمد لله ، وقام أقربائي جزاهم الله خيراً ببناء مكتبة صغيرة ومسجد صغير ، وقالوا : نصلي فيه جمعه درءاً للفتن والمشاكل ، فكنا في بعض الأوقات نصلي قدر سته نفر .

وفي ذات مرة طلبني المحافظ ( هادي الحشيشي ) فذهب إلي الشيخ ( قائد مجلي ) رحمه الله فاتصل به وقال : ما تريد من الوادعي ؟ فقال : لا شيء إلا مجرد التعرف عليه ، فقال : نطلع إليه في معهده . وفي أخري طلبني مسئول آخر فدخل معي إليه ( حسين بن قائد مجلي ) فتكلم علي الشيعة ، وشرح له أننا ندعو إلي الكتاب والسنة ، وأن الشيعة حسدونا علي ذلك ، ويخافون أن تظهر الحقائق ، فقال المسئول : إن الشيعة سودت تاريخ اليمن ، وما دامت دعوتك كذلك فادع ونحن معك .وبعد هذا مكثت في مكتبتي ، وما هي إلا أيام فإذا الأخوة المصريين وفتحنا دروساً في بعض كتب الحديث وبعض كتب اللغة ، وبعد هذا ما زال طلبة العلم يفدون من مصر ، ومن الكويت ، ومن أرض الحرمين ونجد ، ومن عدن ، وحضر موت ، ومن الجزائر ، ولبيبا ، والصومال ، ومن بلجيكا ، ومن كثير من البلاد الإسلامية وغيرها .

وعدد الطلاب الآن ما بين الستمائة إلي السبعمائة ، منهم قدر مائة وسبعين عائلة ، والله يأتيهم برزقهم من عنده ، كل هذا لا بحول منا ولا قوة ، ولا بسبب كثرة علمنا ، ولا شجاعتنا ولا فصاحتنا في الخطابة ، ولكن هذا أمر أراد الله أن يكون ، ولله الحمد والمنة الذي وفقنا لذلك .

الدروس التي تلقي :

دروس هي :

(1) " تفسير ابن كثير " بعد الظهر .

(2) " صحيح البخاري " بعد العصر .

(3) " صحيح مسلم " ، وبعده " مستدرك الحاكم " بين مغرب وعشاء .

(4) " الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين " قبل الظهر .

(5) " الصحيح المسند من دلائل النبوة " .

(6) " الجامع الصحيح في القدر " .

(7) وكنت أدرس في " شرح ابن عقيل " ثم مرضت وتركت .

أما إخواني في الله فإنهم قائمون بدروس لإخوانهم في جميع المجالات العلمية علي مستويات الطلاب في : التوحيد ، والعقيدة ، والفقة وأصوله ، والحديث وأصوله ، والفرائض ، والنحو ، والخط ، والإملاء ، وجميع ما يحتاج إليه الطالب من العلوم الدينية ووسائلها ، وإذا ضاق المسجد والسكنات ففي الوادي وتحت الأشجار  ، وتلقي هناللك الدروس ، علم طيب

 وهواء طيب . والفضل في الله وحده .

أسم المــؤلف   : أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي

أسم المكتبة :                           دار الأثار

boohoo , Womens & Mens Clothes , Shop Online Fashion | IicfShops , kd 6 n7 blue and red , Supreme x Nike Spring 2021 Collaboration Release

الأقسام الرئيسية:

المشائخ والعلماء: