الغناء و الاستماع اليه حرام و منكر و من أسباب مرض القلوب و قسوتها
و قد ذكر بعض العلماء الاجماع على تحريمه .
أدلة التحريم :-
الأدلة على تحريمه كثيرة جداً ؛ نذكر منها :-
1- قال تعالى : { وَ مِنَ الناسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَ عَنْ سَبِيلِ الله بِغَيرِ عِلْمٍ وَ يَتخذها هُزُواً ...... اولـئكَ لَهُم عَذَابٌ مُهِينٌ . وَ إذا تُتْلى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلى مُسْتَكْبِراً كَأنْ لَمْ يَسْمَعها كَأَن فِي أًذًنَيِهِ وَقْراً فَبَشرهُ بِعََذَابٍ أَلِيمٍ ....}سورة لقمان .. آية 6
قال الواحدي و غيره من المفسرين على أن لهو الحديث في الآية المراد به الغناء .. قاله ابن عباس ، و ابن مسعود .. و روي عن ابن مسعود أنه قال : و الله الذي لا إلـه إلا غيره (هو الغناء) – يعني لهو الحديث - .
2- من السنة : قول الرسول – صلى الله عليه و سلم - : ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر و الحرير و الخمر و المعازف ) – أخرجه البخاري – .
وجه الدلالة منه أن المعازف هي ألات اللهو كلها لاخلاف بين أهل اللغة في ذلك (( انظر إغاثة اللهفان –ص260- ج 1)) .
و قوله : ( يستحلون ) أي أنها كانت حراماً فاستحلوها .
3- عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن رسول الله –صلى الله عليه و سلم- : ( يمسخ قوم من هذه الأمة في آخر الزمان قردة و خنازير . قالوا يا رسول الله اليسوا يشهدون أن لا إلــه إلا الله و أن محمداً رسول الله ؟ . قال : بلى ؛ و يصومون و يصلون و يحجون . قيل فما بالهم ؟ . قال : اتخذوا المعازف و الدفوف و القينات ؛ فباتوا على شربهم و لهوهم فأصبحوا و قد مسخوا قردة و خنازير ) . (( اغاثة اللهفان –ص262- ج1)) .
4 - قوله تعالى : { وَ مَا كَانَ صَلاتهم عِنْدَ البَيْتِ إلا مُكاَءً وَ تَصْدِيَةً } سورة الأنفال.
قال ابن عباس ، و ابن عمر : ( المكاء هو الصفير ؛ و التصدية هي التصفيق ) .
بعض أقوال العلماء :-
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:-
{ و من أعظم ما يقوي الأحوال الشيطانية سماع الغناء و الملاهي .. و هو سماع المشركين .. قال تعالى : { وَ مَا كَانَ صَلاتهم إلا مُكَاءً وَ تَصدِيَةً } قال ابن عباس و ابن عمر و غيرهما : ( التصدية هي التصفيق باليد ؛ و المكاء هو الصفير ) فكان المشركون يتخذون هذا عبادة و أما النبي –صلى الله عليه و سلم- و أصحابه فعبادتهم ما أمر الله به من الصلاة و القراءة و الذكر و نحو ذلك ؛ و لم يجتمع النبي –صلى الله عليه و سلم- و أصحابه على استماع غناء قط لا بكف و لا بدف .... ثم قال عن مستمع الغناء : ( و حالة خوارقه تنقص عند سماع القرلآن و تقوى عند مزامير الشيطان فيرقص ليلاًطويلاً . فإذا جاءت الصلاة صلى قاعداً أوينقر الصلاة نقر الديك .... و هو يبغض سماع القرآن و ينفر منه و يتكلفه ... ليس له فيه محبة و لا ذوق و لا لذة عند وجده . و يحب سماع المكاء و التصدية و يجد عنده مواجيد .. فهذه أحوال شيطانية و هو ممن يتناوله قولهه تعالى : { وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرحْمَنِ نُقَيضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِين }.
-( من كتاب الفرقان بين أولياء الله و أولياء الشيطان )-
****************************************
و قال ابن القيم –رحمه الله- :-
"و من مكايد عدو الله و مصايده التي كاد بها من قل نصيبه من العقل و العلم و الدين و صاد بها قلوب الجاهلين و المبطلين سماع المكاء و التصدية و الغناء بالآلات المحرمة الذي يصد القلوب عن القرآن و يجعلها عاكفة على الفسوق و العصيان ... فهو قرآن الشيطان والحجاب الكثيف عن الرحمن و هو رقية اللواط و الزنا و به ينال العاشق الفاسق من معشوقه غاية المنى كاد به الشيطان النفوس المبطلة و حسنه لها مكراً و غروراً و أوحى إليها الشبه الباطلة على حسنه فقبلت وحيه و اتخذت من أجله القرآن مهجوراً ... فلو رأيتم عند ذياك السماع و قد خشعت منهم الأصوات و هدأت منهم الحركات و عكفت قلوبهم بكليتها عليه و انصبت انصبابة واحدة إليه فتمايلوا له ولا كتمايل النشوان و تكسروا في حركاتهم و رقصهم ... أرأيت تكسر المخانيث و النسوان و يحق لهم و قد خالط خماره النفوس ففعل فيها أعظم ما يفعله حميا الكؤوس فلغير الله بل للشيطان قلوب هناك تمزق و أموال في غير طاعة الله تنفق ... قضوا حياتهم لذة و طرباً .. و اتخذوا دينهم لهواً و لعباً ... مزامير الشيطان أحب إليهم من استماع سور القرآن.
لو سمع أحدهم القرآن من أوله إلى آخره لما حرك له ساكناً و لا أزعج له قاطناً حتى إذا تلي عليه قرآن الشيطان و ولج مزموره سمعه تفجرت ينابيع الوجد عن قلبه على عينيه فجرت و على أقدامه فرقصت و على يديه فصفقت و على سائر أعضائه فاهتزت و طربت و على أنفاسه فتصاعدت ... فيا أيها الفاتن المفتون و البائع حظه من الله بنصيبه من الشيطان صفقة خاسر مغبون ... هلا كانت هذه الأشجان عند سماع القرآن ؟!
وهذه الأذواق و المواجيد عند قراءة القرآن المجيد ... و لكن كل امرئ يصبو إلى ما يناسبه و يميل إلى ما يشاكله .... " .
-( باختصار من كتاب إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان )-
***************************************
و أخيراً فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله- :-
يقول السائل : ما حكم الأغاني هل هي حرام أم لا رغم أنني أسمعها بقصد التسلية فقط ، و ما حكم العزف على الربابة و الأغاني القديمة ، و ماحكم الطبل في الزواج ؟
فأجاب الشيخ –رحمه الله- : " الاستماع إلى الأغاني حرام و منكر و من أسباب مرض القلوب و قسوتها و صدها عن ذكر الله و عن الصلاة . و قد فسر أكثر أهل العلم قوله تعالى : { وَ مِنَ الناسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهوَ الحَدِيثِ ...} بالغناء ؛ و كان عبدالله بن مسعود الصحابي الجليل –رضي الله عنه- يقسم على أن لهو الحديث هو الغناء ؛ و إذا كان الغناء آلة كالربابة و العود و الكمان و الطبل صار التحريم أشــد . و ذكر بعض العلماء أن الغناء بآلة لهو محرم إجماعاً . فالواجب الحذر من ذلك .
و قد صح عن رسول الله –صلى الله عليه و سلم- أنه قال : " ليكونن من أمتي أناس يستحلون الحر و الحرير و الخمر و المعازف " و المعازف هي ألات الطرب .
فأوصيك و غيرك بالإكثار من قراءة القرآن و من ذكر الله –عز وجل- كما أوصيك و غيرك بسماع اذاعة القرآن و برنامج نور على الدرب ؛ ففيهما فوائد عظيمة و شغل شاغل من سماع الأغاني و آلات الطرب.
أما الزواج فيشرع فيه ضرب الدف مع الغناء المعتاد الذي ليس فيه دعوة إلى محرم و لا مدح محرم في وقت من الليل للنســــــاء خــــاصة لإعلان النكاح و الفرق بينه و بين السفاح كما صحت السنة بذلك عن النبي –صلى الله عليه و سلم-
.أما الطبل فلا يجوز ضربه في العرس – ولا في غيره - بل يكتفى بالدف خاصة في العرس و للنساء دون الرجال " .
-( انظر مجلة الدعوة العدد -902- 15 شوال 1403 هـ )-
**********************************************
و بعد هذا كله ...........
فإن كثيراً من المسلمين يستحلون الغناء إما جهلاً –و هو الغالب – و إما عناداً .
نســـــأل الله –عز وجل- أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله و أولئك هم أواو الألباب .
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم ..........